روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق

صفحة 237 - الجزء 2

  الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ٢٦}⁣[الرعد] ولهذا فإن الله تعالى لما أهلك قارون الذي قال إنما أوتيته على علم عندي وخسف الله به وبداره الأرض، فحكى الله عن ضعفة النفوس قولَهم: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ٨٢}⁣[القصص] إلى غيرها من الآيات.

  الثاني: عليك أخي المؤمن أن تعلم وتوقن أنَّ الله تعالى لا يرزق إلا ما كان حلالاً طيباً، فما دخل عليك بطريق الحرام أو الشبهة فليس من رزق الله، ولم يقسمه الله لك، إذ قد نهاك وحرم عليك الحرام، وحذرك من أخذ ما لا يحل لك، فكيف يقسمه لك؟ وقد نهاك عنه، فلا يجوز لك أن تجعل ما أخذته حراماً أو شبهة من رزق الله، ثم تحمد الله عليه، وتتظاهر أن الله أعطاك وخولك ما لم يعظ غيرك، كما قال تعالى {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ٦٠}⁣[البقرة]، وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء] وغيرها من الآيات.

  الثالث: ما أعطاك الله من الرزق الحلال فهو ابتلاء يبتليك به، واختبار منه تعالى لك، وامتحان يمتحنك بسببه، فإن أعطاك كثيراً فليبتليك هل ستشكر النعمة؟ وكيف ستتصرف في تلك المنة؟ وكيف تتعامل معها إنفاقاً وبذلاً، أو حرصاً وشحاً وبخلاً؟ وإن أعطاك قليلاً فليختبر إيمانك بالله، ورضاك بقسمته، وتفويضك أمرك إليه فيما اختاره لك، وصبرك على ما ابتلاك به، أم أنك ستعترض قسمته، وتنكر عليه في اختياره، فمن شكر أُجر، ومن صبر أجر، ومن كفر النعمة ولم يقم بواجب حقها عليه فقد باء بالخسران، وسقط في الإمتحان، وكان من أهل النيران، ومن رفض القليل، وجحد نعمة الجليل، فقد باء بالوزر، وحاق به الخُسر، ودحر في النار مع من دُحر، كما حكى الله تعالى ذلك عن نبيه سليمان # في قوله {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ٤٠}⁣[النمل]، وكما قال