روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالمواعظ البليغة (حول الدنيا والموت والقيامة والجنة والنار)

صفحة 322 - الجزء 2

  أيها المؤمنون: إن الحياة البرزخية هي حياة القبور، التي تكون مقدمة لما سيقع على المرء بعدها من سعادة أو شقاوة، وفيها يوقف المرء لبعض النقاش والحساب والسؤال الذي يكون منبئاً عما سيأتي بعده من شدائد وأهوال، فالقبر عند ذلك إما أن يكون روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

  ولصعوبة الموقف، وخطورة الأمر كان النبي ÷ يستعيذ بالله، ويعلم أصحابه وأمته الإستعاذة بالله تعالى من فتنة القبر وعذابه:

  فعن سعد عن أبيه، كان رسول الله ÷ يعلم هذه الكلمات كما يعلم المُكَتِّبُ الكتابة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر».

  وعن أنس أن رسول الله ÷ كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الكسل والعجز، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر».

  وعن عائشة قالت كان من دعاء النبي ÷: «اللهم أني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة البلايا، ومن فتنه القبر ومن عذاب القبر».

  وعن أبي الزبير أنه سأل جابر عن عذاب القبر؟ فقال: دخل النبي ÷ نخلاً لبني النجار، فسمع أصوات رجال من بني النجار، وقد ماتوا في الجاهلية يعذبون في قبورهم، فخرج النبي الله عليه وآله وسلم فزعاً، فأمر أصحابة أن يتعوذوا من عذاب القبر).

  وقال أمير المؤمنين علي #: (ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً، وَجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً، ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الْأَعْوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ، وَنِضْوَ سَقَمٍ، تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ، وَحَشَدَةُ الْإِخْوَانِ، إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ، وَمُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ، وَمُفْرَدِ وَحْشَتِهِ، حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ، وَرَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ، أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِهِ نَجِيّاً، لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ، وَعَثْرَةِ الِامْتِحَانِ، وَأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُولُ الْحَمِيمِ،