الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم
  عليها، وعليها أن تعرف حملها وتتحمل مسؤليتها، كل بحسب مكانته وموقعه، ومقدار استطاعته ونفعه، ويبين لها فضل الجهاد في سبيل الله، وأن ترك الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي جعلها تعيش حالة تعيسة من الذل والهوان، كما قال #: (أيها الناس عليكم بالجهاد، فإنه قوام الدين، وعمود الإسلام، ومنار الإيمان، واعلموا أنه ما ترك قوم الجهاد قط إلا حقروا وذلوا).
  الثالث: كان الإمام # يعلم أن من أعظم الأسباب التي أضعفت المسلمين، ومكنت المتجبرين، هو ضعف علماء الدين عن القيام بواجبهم، ومداهنتهم للمبطلين توصلاً إلى السلامة من طغيانهم، وإغضائهم عن كثير من أفعال الظالمين كأنهم لا يعرفونها ليسلموا من ظلمهم، وميلهم إلى الراحة والدعة والرفاهة دون التألم لما ينال المستضعفون من أعدائهم، ويبين الإمام # أن واجبهم الديني يحتم عليهم أشياء كثيرة قد رأوا لأنفسهم الترخيص فيها والتسهيل، ومحاولة التخلص منها بأوهى شبهة وأدنى أمارة بدون دليل، فوضع رسالة أرسلها إلى علماء الأمة يبين فيها المسؤلية الكبرى، والأمانة العظمى التي طوقت بها أعناقهم، ولا نجاة لهم إلا ببيانها وسلوكها، فقال #:
  (إني أوصيكم معشر العلماء بحظكم من الله في تقواه وطاعته، وأن لا تبيعوه بالمكس من الثمن، والحقير من البذل، واليسير من العوض، فإن كل شيء آثرتموه، وعملتم له من الدنيا، ليس بخَلَفٍ ما زين الله به العلماء من عباده الحافظين؛ لرعاية ما استرعاهم، واستحفظهم من أمره ونهيه، وذلك بأن العاقبة للمتقين، والحسرة والندامة والويل الدائم للخاسرين الفاجرين.
  فتفكروا عباد الله، واعتبروا وانظروا وتدبروا وازدجروا بما وعظ الله به هذه الأمة، من سوء ثنائه على الأحبار والرهبان إذ يقول {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ٦٣}[المائدة]، وإنما عاب ذلك