الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم
  فقد اتجه الجيش الإسلامي بقيادة النبي الكريم ÷ في شهر محرم في السنة السابعة إلى خيبر، إلى تلك المدينة الكبيرة ذات الحصون والمزارع والنخل الكثير، وهي تبعد مسيرة يومين عن المدينة المنوّرة، كان المسلمون في هذه الغزوة ألفاً وأربعَمائة (١٤٠٠) مقاتل، معهم مائتا (٢٠٠) فرس.
  فحين سار النبي ÷ إلى خيبر سلك طريقاً تحول بين مساندة غطفان لليهود حتى بلغ واد الرجيع، فلم تستطع غطفان المساعدة ليهود خيبر خوفاً على أنفسهم من هجوم المسلمين.
  وكان وصول المسلمين إلى خيبر ليلاً دون علم اليهود، فلما أصبح اليهود وفتحوا باب الحصن للخروج فوجئوا بالجيش، فصرخ صارخُ اليهود في قومهِ منذراً، وأخذ يرددُ بأعلى صوته مرعوباً مفزوعاً، محمدٌ والله، محمد والخميس، حيث نزل هذا الخبرُ المخيفُ على اليهود كالصاعقةِ المحرقة، فقد شعروا بخطورةِ الموقفِ، وأنهم قابَ قوسين أو أدنى من الهلكة، فهمْ يدركون حقيقةَ ذلك الجيشِ الواقفِ قريباً من حصونهِم، فهربوا وأغلقوا باب الحصن، وركبُهم وأسنانهم تصطكُ من الرعبِ والهلع.
  فبدأ النبي ÷ في حصار حصون اليهود، حصناً حصناً، وهي تتهاوى الواحد تلو الآخر، وكانت مناطقهم التي تتواجد بها حصونهم ثلاث مناطق:
  النطاة، وفيها: حصن ناعم، وقد جمعوا فيه المقاتلة، فبعث رسول الله ÷ أبا بكر برايته في اليوم الأول - وكانت بيضاء - لفتح خيبر، ولكن رجع أبو بكر ولم يَكُ فتح وقد جهد.
  ثمّ بعث ÷ في الغد عمر بن الخطّاب برايته ومعه الناس، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاؤوا يجبِّنُونه ويجبِّنُهم كسابقه.
  وخرجت كتائب اليهود يتقدّمهم ياسر أخو مرحب، فكشفت الأنصار حتّى انتهوا إلى رسول الله ÷، فاشتدّ ذلك على رسول الله، فقال ÷