روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم

صفحة 96 - الجزء 1

  «لأعطين الراية غداً رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه الله ورسوله، كرار غير فرار، لا يولّي الدبر، لا يرجع حتى يفتح الله عليه»، فتطاولت الأعناق لترى لمن يعطي الراية غداً، وتمنى كلّ واحد أن يكون صاحب الراية غداً.

  وكان الإمام علي # أرمد العين، فدعاه ÷، فقيل له: إنّه يشتكي عينيه، فلمّا جاء الإمام علي # أخذ ÷ من ريق فمه، ودَلّك عينيه، فبرئتا حتّى كأن لم يكن بهما وجع، ثمّ قال ÷ «اللّهمّ أكفه الحرّ والبرد»، فما اشتكى من عينيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، فدفع ÷ الراية إلى الإمام # وقال له «امض على اسم الله وقاتل ولا تلتفت حتّى يفتح الله عليك».

  فقال الإمام علي #: يا رسول الله، علام أُقاتلهم؟

  فقال ÷ «على أن يشهدوا أن لا إله إلّا الله، وأنِّي رسول الله، فإذا فعلوا ذلك حقنوا منِّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّها، وحسابهم على الله ø، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم تتصدّق بها في سبيل الله»، فسار علي # بالجيش، وخرج إليه أهل الحصن، وكان أوّل من خرج إليه ياسر أخو مرحب وكان فارساً شجاعاً، فانكشف المسلمون وثبت الإمام علي #، فتضاربا فقتله الإمام علي #، وانهزم اليهود إلى الحصن.

  فلمّا علم مرحب بمقتل أخيه نزل مسرعاً، وقد لبس درعين، وتقلّد بسيفين، واعتمّ بعمامتين، ولبس فوقهما مغفراً وحجراً، قد أثقبه قدر البيضة لعينيه، ومعه رمح سنانه قدر ثلاثة أشبار، وهو يرتجز ويقول:

  قَدْ علِمَت خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ ... شَاكي السلاح بَطلٌ مُجرّبُ

  أطعنُ أحياناً وحِيناً أضرِبُ ... إذا اللُّيوث أقبلَتْ تَلتَهِبُ