روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم

صفحة 98 - الجزء 1

  وأعلنوا الاستسلامَ التام تحت وقعِ ضرباتِ السيوف، وطعنات الرماح، التي لا قبلَ لهم بها، فانهزموا بعد حصار دام ثلاثة أيام، من حصن القلعة وأُبي والنزار، وبذلك تمت السيطرة على آخر حصون منطقة النطاة التي كان فيها أشد اليهود.

  ثم تحول رسول الله - ÷ منطقة أخرى بها حصون لليهود، هي القموص والكتيبة والوطيح والسلالم فتحصنوا أشد التحصن، وجاءهم كل من هرب وانهزم من الحصون الأولى، فتحصنوا معهم في القموص والكتيبة، وكانت حصوناً منيعة، وبعد حصار دام عشرين (٢٠) يوماً، انهزم اليهود، هاربين إلى حصن الوطيح والسلالم، فحاصرهم النبي ÷ (١٤) أربعة عشر يوماً، فهَمَّ رسول الله - ÷ أن ينصب المنجنيق عليهم لما رأى من تغليقهم وأنه لا يبرز منهم بارز، فلما أيقنوا بالهلكة وأجهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب، حيث طلب اليهود أن ينزلوا على الصلح، وأن يتفاوضوا مع رسول الله ÷، فقَبِلَ ÷ منهم ذلك، وكانت خلاصة الأمر أن تمَّ التصالح على حقْن دمائهم، ودماء كلِّ مَنْ في الحصون من المقاتلة والذرية والنساء، على أن يتركوا ما خلفهم من الديار والسلاح والأموال والذهب والفضة ويخرجوا دون شيء، إلا ثوباً يحمله على ظهره، واشترط الرسول ÷ في هذه المعاهدة عليهم شرطًا هاماً وهو: «أَنْ لَا يَكْتُمُوا، وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ، وَلَا عَهْدَ»، فلو أن أحدًا من اليهود أخفى شيئًا من الأموال أو من الذهب أو الفضة، فللرسول ÷ أن يقتله بهذا الإخفاء، وقَبِل اليهود هذا الصلح، وبدؤوا في الخروج من خيبر، وقد حقن الرسول ÷ دماءهم جميعًا بهذا الصلح، وذلك رغم ما قدَّمت أيديهم من سوء، ولم يقتل إلاَّ مَنْ برزت خيانته لهذا العهد، كما وقع لكنانة بن أبي الحقيق.