كلمة شكر
  يطعن في كَشَّاف الكُرَب عن وجه رسول الله ÷ بما يعلم الله سبحانه ورسوله والمؤمنون براءته منه، وليس بضارّه شيئاً، وإنما يسجل الباغض على نفسه بقلمه أنه في غمرة النفاق، ما صَحَا منها ولا أفاق، بشهادة «ولايبغضك إلاَّ منافق».
  ويطعن في سيدة النساء، خامسة أهل المباهلة والكساء، فيقول: (كان فيها شعبة من النفاق)!.
  ولا يخفاك أن من آذى أحداً من أهل الكساء فهو مؤذ لله ورسوله ÷؛ لأمرين:
  أحدهما: لما ورد من صحيح الأثر(١) عن سيد البشر، ثم لنظرية استنبطتها من كتاب الله سبحانه وتعالى وهي ما يلي:
  اعلم أن الله سبحانه وتعالى أنزل أَمْر الصلاة والسلام على عبده ونبيه فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ولم يذكر آل محمد، فجاءوا محمداً ÷ فقالوا: يا رسول الله أُمرنا بالصلاة عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: (قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد).
  فبيّن ÷ عن الله ما أراد، وهو أن آلَه مُرادون وداخلون؛ لأن إكرامَهم إكرامٌ له.
  فإذا كان قد أُريد بمحمدٍ، محمدٌ وآلُ محمد في هذه المنحة فهم أيضاً معه في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} ودخولهم في هذه الآية أولى وأحرى؛ لأن الأولى(٢) جَلْبُ منفعة وهذه دَفْعُ مضرة.
  وصيانةُ مقامهم وكفُّ قتالهم وحِفْظُ أعراضهم أولى وأحرى، والرجل يهمه كفُّ الأذى عن أحبابه، وأفلاذ كبده، وأحبِّ خَلْق الله أكثرَ مما يهمّه جلبُ منفعة لهم.
  ويؤيد هذه النظرية العقل والشرع وما جرى لابن عباس حين وقف على شاتمي
(١) «فاطمة بضعة مني يؤذيها ما يؤذيني» «علي مني وأنا منه» {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} «أنا حرب لمن حاربتم».
(٢) أي الآية الأولى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.