الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

ما تجب فيه الفدية

صفحة 213 - الجزء 2

ما تجب فيه الفدية

  قال الشوكاني: «قوله: وأما بيان ما تجب فيه الفدية فتجب في سبعة أشياء ... إلخ. أقول: إن كان إيجاب الفدية فيما عدا حلق الشعر بالقياس عليه، كما ذكره في البحر، وغيره، فما وجه تخصيص هذا العدد فقط بالإلحاق دون غيره، مع كون النوع الأول الذي صرح بأنه لا يوجب إلا الإثم فقط يصدق عليه أنه من محظورات الإحرام، فما المقتضي لإلحاق بعض محظورات الإحرام بحلق الشعر دون بعض، فما هذا إلا التحكم البحت الذي لا يتفق إلا على من هو من أسرى التقليد، وإن كان إيجاب الفدية فيما عدا حلق شعر الرأس بنص: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً}، وكان التقدير: ففعل شيئا من محظورات الإحرام ففدية من صيام أو صدقة ... ، فما وجه تخصيص هذا العدد بإيجاب الفدية على فاعله دون سائر المحظورات؟ وهل هذا إلا تلاعب بالأدلة من دون قرآن ولا برهان، وإن كان التقدير {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً} فلبس أو طعم أو شمّ أو قطع من جلده أو قلم أظفاره أو تزين {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ ...} الآية، فما الدليل المقتضي لتقدير هذه بخصوصها دون ما عداها من محظورات الإحرام: كالرفث، والفسوق، والجدال ... إلخ» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن ما ينشئه الإنسان من نقد أو مقطوعة أدبية من نثر أو نظم أو غيرهما هي بضعة منه وتُعَبِّر عنه. قال الجاحظ: هي جزء ممن أنشأها، وهو شديد التعلق بها، والحرص على سلامتها؛ لأنها ثمرة من ثمار جهده. اهـ.

  وفي بعض مقامات الحريري: (وغَيْرَتُهم على بَنَات الأفكار، كغَيْرَتِهم على البَنَات الأبكار). اهـ، لكن هذا في الكلام الذي يدخل إلى القلوب بغير استئذان، وتتلقاه الأسماع بخضوع وإذعان، مُحاطًا بالفوائد، ومتوّجًا بالفرائد، أما كلامٌ بدافع اللجاجة، لا برهان يدعمه، ولا سلطان يؤيده، ولا قواعد يستند إليها، ولا ضوابط ينتهي إليها؛ فكلام يتحتم