من جامع قبل الوقوف فسد حجه
من جامع قبل الوقوف فسد حجه
  قال الشوكاني: «قوله: من جامع قبل الوقوف بعرفة فسد حجه ... إلخ. أقول: إن كان الدليل على هذا الفساد ما ذكره المصنف من أقوال من ذكرهم من الصحابة فمع كون الروايات عنهم إنما هي بطريق البلاغ كما ذكره مالك في الموطأ، وليس ذلك بحجة لو كان في المرفوع فضلًا عن الموقوف، فقد عرفت غير مرة أن قول الصحابي ليس بحجة ... ؛ فالحاصل أن البراءة الأصلية مستصحبة، ولا يُنْقَل عنها إلا بناقل صحيح تقوم به الحجة، وليس هاهنا ما هو كذلك، فمن وطئ قبل الوقوف أو بعده قبل الرمي أو قبل طواف الزيارة فهو عاص يستحق العقوبة، ويغفر له بالتوبة، ولا يبطل حجه، ولا يلزمه شيء، ومن زعم غير هذا فعليه الدليل» اهـ كلامه.
  أقول: بعد فراغي من رَقْم هذا المقال قلت: الحمد لله الذي لم يجعل الفقيه إمامًا من أئمة المذاهب: كأبي حنيفة أو غيره؛ فهو أعلم حيث يجعل رسالته، وقد قيل: إن المرء إذا ركب صهوة الباطل وتصدر للجَدَل، لو جئته باليد البيضاء(١)، أو قلبت له العصا حية ما نفعت معه، وفي الحقيقة هذا عمل مخرِّب، ومبطِل، ومخالف لإجماع الأمة المحمدية: أنه يجامع قبل الوقوف ويستغفر فقط! فِلمَ لا يجري هذا الحكم في المُظَاهِر، وإن هي إلا كلمة قالها إذا أحب(٢) الرجوع لأهله، وهذا اطراح لآية من كتاب الله وسنة رسول الله ÷، ولا شك أن هذا من العبث بشعائر الله، وفتح الباب للشُّطَّار أن يفعلوا في حجهم ما يريدون من جماع، أو رَفَثٍ، أو فسوق، ثم يستغفر الله وحجه وحج زوجه صحيح! وهل هذا إلا غاية مراد إبليس، ومنتهى مُنَاه، يُغريه بما يبطل الحج، ويفتح له باب الطمع الفارغ، وأن حجه صحيح، ولا يَعْتَدُّ بقول الصحابة ولا إجماعهم، ولا ما استندوا إليه، ولا ما اتفق عليه أهل
(١) معجزة موسى #، تمت شيخنا.
(٢) أي المُظَاهِر لزوجته، تمت شيخنا.