الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

لا يغمس المحرم رأسه في الماء

صفحة 208 - الجزء 2

لا يغمس المحرم رأسه في الماء

  قال الإمام: للمحرم أن يغسل رأسه وجسده، ولا يغمسه بالماء؛ لأنه ممنوع من تغطية رأسه؛ لأن إحرامه في رأسه، فإذا غمسه في الماء فقد غطاه. اهـ كلام الإمام مختصرا.

  قال الشوكاني: «قوله: ولا يغمسه في الماء؛ لأنه ممنوع من تغطية رأسه؛ لأن إحرامه في رأسه ... إلخ. أقول: الذي ورد هو المنع للمحرم من لبس العمامة، وورد في المحرم الذي وقصته ناقته أن النبي قال: «لا تخمروا رأسه»، والحديثان صحيحان، ولم يرد المنع من مطلق التغطية ولو بالماء؛ فإن هذا لا يسمى لباسًا ولا خمارًا، ومن زعم المنع من مطلق التغطية بأي شيء كان - كما قال المصنف - فإن كان بالنص فما هو؟ وإن كان بالقياس فغير مُسَلَّم» اهـ كلامه.

  أقول: المنع من مطلق التغطية بالنص، والنص هو ما رقمته بقلمك، وهو أنه ÷ قال في الذي وقصته ناقتُه: «لا تخمروا رأسه»؛ إذ لم يقل: «لا تعمِّموا» حتى يتمسك الفقيه بالعمامة. والتخمير لغة: التغطية، ومنه سميت الخمر خمرًا؛ لتغطيتها العقل، و (خمِّروا إناءكم). ومن أجل أن الممنوع مطلق التعطية منع بعض العلماء من ركوب الحاج المحامل، ولو غطى رأسه بشجر لكان قد خالف ولزمته الفدية، وإليك بعض نصوص أهل المعرفة؛ إرخاء للعنان، وإيقاظًا للوَسْنَان، وإلا فالنص الذي رقمه الفقيه بكفه كفيل بإقناعه وكفه، وقبل أن أنقل قولًا لغيره إليك ما في (جراره) ج ٢ ص ١٣٣ - ١٣٤؛ ليظهر لك أن بحثه هذا شريد ناد، مرقوم بحبر العناد، قال في (الجرار) ما لفظه: أقول: أما تغطية رأس الرجل فلما أخرجه مسلم، وغيره من حديث ابن عباس، أن رجلًا وقصته⁣(⁣١) ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله ÷: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمِّروا وجهه ولا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا»، وهذا التعليل بقوله: «فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا»


(١) الوقص: كسر العنق.