الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

بطلان حديث (أين الله؟)

صفحة 355 - الجزء 2

بطلان حديث (أين الله؟)

  قال الشوكاني: «قوله: واختلف أئمتنا في عتق الكافرة ... إلخ، أقول: قد ورد ما يدل على اعتبار كونها مؤمنة، وليس ذلك الدال على اعتبار الإيمان هو ما وقع في القرآن، بل الدال على ذلك هو سؤاله ÷ لمن قال: (عليه رقبة) عن إيمانها وقوله لها: (أين الله)؟ و (من أنا)؟ ثم قال: (اعتقها فإنها مؤمنة) كما في حديث معاوية بن الحكم السلمي» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن حديث: (أين الله؟ فقالت: في السماء) لا يجوز العمل به، لمانعين: أولاً: عدم الصحة المانعة من اعتباره، فقد قال عنه الحافظ المحدث عبدالله بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه (الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة) ص ٢١ فما بعدها ما لفظه: عن معاوية بن الحكم السلمي قال: كانت لي غنم بين أٌحدو الجَوَّانية، فيها جارية لي، فأطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة، فأسفت فصككتها، فأتيت النبي ÷، فذكرت ذلك له، فعظم ذلك عليَّ، فقلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: (ادعها)، فدعوتها، فقال لها: (أين الله؟) قالت: في السماء، قال: (من أنا؟) قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة⁣(⁣١). رواه مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم، والحديث شاذ، لا يجوز العمل به، وبيان شذوذه من وجوه: مخالفته لما تواتر عن النبي ÷: أنه كان إذا أتاه شخص يريد الإسلام سأله عن الشهادتين، فإذا قبلهما حكم بإسلامه، وفي (الموطأ)


(١) قال العلامة المحدث حسن السقاف تخريجاً للحديث صـ ٢١ ما لفظه: هذا الحديث رواه مالك، ومسلم، والنسائي، وأبو داود، ورواه من حديث الشريد بن سويد بلفظ: (من ربك؟) النسائي وأحمد وابن حبان في صحيحه وغيرهم، ورواه بلفظ: (أتشهدين ألا إله إلا الله؟) عبدالرزاق في المصنف، ومالك في الموطأ، والدارمي، وأحمد وابن أبي شيبة، وهذه الروايات توجب اضطراب الحديث، إلا أننا رجحنا رواية (أتشهدين ألا إله إلا الله) لأنها الموافقة لسائر أحوال النبي ÷ والأحاديث المتكاثرة الواردة عنه، فنحن نقطع بعدم ثبوت رواية (أين الله) وتنزيه النبي عن أن يكون قد قالها، ولي رسالة خاصة في هذا الحديث بينت فيها عدم ثبوت لفظ (أين الله؟) وأنه منزه عن أن يكون السماء أو على العرش سميتها (تنقيح الفهوم العارية بما ثبت وما لم يثبت من حديث الجارية) وهي مطبوعة ١ هـ المراد.