الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(بطلان حديث خمس رضعات يحرمن)

صفحة 377 - الجزء 2

(بطلان حديث خمس رضعات يحرمن)

  ثم قال: «واعلم أن الأحاديث قد اختلفت في هذه المسألة اختلافاً كثيراً ونحن نعرفك بما هو الحق الذي تجتمع فيه جميع الأدلة فنقول: أما ما ورد من الرضاع مطلقاً من دون تقييد بعَدَدٍ فالأحاديث الواردة بذكر العدد تفيد تقييده كما هو شأن المطلق والمقيد، وقد أفاد حديث «لا تحرم المصة والمصتان والإملاجة والإملاجتان» وحديث «لا تحرم الرضعة الواحدة إن الرضعة والرضعتين لا تحرمان» فلو لم يرد إلاَّ هذا لكانت الثلاثة مقتضية التحريم ولكنه ثبت في الصحيح عن عائشة أنها قالت: (عشر رضعات معلومات يحرمن) ثم قال: (خمس رضعات معلومات) وصرحت بأن العشر منسوخة بالخمس، وصرحتْ أيضاً بأنه توفي رسول الله ÷ وهن فيما يُقْرَأُ من القرآن، وليس من شرط القرآن تواتر النقل على ماهو الحق، ولو سلم ذلك فالقراءة آحادية بمنزلة خبر الآحاد ... إلخ. وتصلح هذه الأدلة لتقييد مطلق القرآن وتصلح أيضاً لتقييد حديث «الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم»، وحديث «الرضاعة من المجاعة»» اهـ كلامه.

  أقول: قد أطال الفقيه في الموضوع وأسهب، وتوسَّع وأطنب، وسأبدأ - بحول الله سبحانه - بمواضع نفوذه، ومراكز تموينه، ثم أعود فأكر على ما أفرغه من سَجْله، وما أجلبه بخيله ورَجْله، أولاً: قد اعترف الفقيه في مستهل نقده بأن الأحاديث التي عارضت الآية وقيدت عمومها قد ا ختلفت اختلافاً كثيراً، وبسبب اختلافها اختلفت المذاهب، ووعَدَنا بأن يعرِّفنا ما هو الحق الذي تجتمع فيه جميع الأدلة؟ ولئن صدق في هذا فأنا أشهد يأنه حائز قصب السبق دراية ورواية.

  وأنى له أن يجمع بين أحاديث قد كثرت واختلفت دلالة، وأضحى بعضها يناقض الآخر؟! ثم وجه كرته وهجومه على الآية الكريمة؛ بأنها مطلقة غير مقيدة فقال: «أما ما ورد من الرضاع مطلقاً من دون تقييد فالأحاديث الواردة بذكر العدد تقيده كما هو شأن المطلق والمقيد» اهـ، ولعمري قد أخلف موعدَه إذ وعد برأي يجمع شتات الأدلة ثم