الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

هل تؤخذ الزكاة من العين أو يجوز أخذ القيمة؟

صفحة 483 - الجزء 1

هل تؤخذ الزكاة من العين أو يجوز أخذ القيمة؟

  قال الشوكاني: «قوله: فصل في تعيين كيفية الواجب هل يؤخذ من العين أو يؤخذ من القيمة؟ ... إلخ، أقول: وجوب الزكاة من العين ولا يسوغ إخراج القيمة إلا لعذر مسوّغ لحديث «خذ من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقرة من البقر» أخرجه أبو داود والحاكم وصححه على شرط الشيخين، وأما اعتذاره عن الحديث بأنه لا ظاهر له فهذه إحدى الأعصي التي يتوكأ عليها» اهـ كلامه.

  أقول: الفقيه لم يَدْرِ كيف يَجْمَع «عصا» فجمعها على «أعصي» وهي لا تجمع على «أعصي» وإنما تجمع على «عِصِيّ»، وكأنه لم يقرأ كتاب الله تعالى: {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ}⁣[الشعراء: ٤٤]! وقال الشاعر العربي:

  أَبَتِ العِصِيُّ إذا اجتمعْنَ تكسُّراً ... وتَفَرَّقَتْ فتكسَّرَتْ آحَادَا

  وإذا كانت بهذه المكانة من جهل اللغة وجهل القرآن فهل يجوز أن ينتقد الإمامَ الباقرَ الذي أجمع من يحب أهل البيت ومن لا يحبهم على أنه لم يلقب بهذا اللقب إلا لتبحره في العلم، ويكفيه أن رسول الله ÷ شهد له بالعلم وأقرأه السلام مع جابر كما في «غريب الحديث» و «القاموس» وغيرهما.

  ثم إن الزكاة؛ لإصلاح حال الفقير والمسكين وابن السبيل والغارم وفي الرقاب، فقد تكون القيمة أنفع لابن السبيل - المسافر - من أن يعطيه المزكي حباً لا يطيق حمله ولا يهتدي لمحل بيعه ولا ينتفع به لأنه ابن سبيل، وكذا الغارم، وهب أنه وقف عليك رجل جائع أعمى مسكين يسألك مِن الواجب، وعندك حَبّ ونَقْد، فهل الأرضى لله أن تعطيه نقداً يشتري طعاماً يسدّ به رمقه، أو أن تعطيه قدحاً من الحبوب لا يقوى على حملها ولا يهتدي إلى محل بيعها ولا يقدر على طحنها وخبزها؟! ومتى يصل إلى حاجته؟!