وجوب الخمس في المعادن
وجوب الخمس في المعادن
  قال الشوكاني: «قوله: فصل: في المعادن ... إلخ، أقول: علة وجوب الخُمُس في الأمور التي عدّدها المصنف إما أن تكون صَدَق اسم الركاز عليها على التفسير الذي يختاره - وهو التغييب في الأرض مطلقاً - فيدخل تحت قوله ÷: «في الركاز الخمس» أو تكون شمول اسم الغنيمة لها فتدخل تحت قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}[الأنفال: ٤١] أو تكون اتصافها بصفة النفاسة: إن كانت العلة هي الأولى خرج المسك وصيد البر والحطب والحشيش ونحوها، وإن كانت العلة هي الثانية فقد صرح جماعة من أئمة الفقه واللغة أن الغنيمة مختصة بما أخذ بالقتال وبه صرح صاحب «النهاية»، وإطلاقها على كل ما وقع الفوز به بلا مشقة كما صرح به صاحب «القاموس» وكما يدل عليه حديث «له غنمه وعليه غرمه» ونحو ذلك جمع بين الحقيقة والمجاز كما جرت به قاعدة صاحب «القاموس»، ولو سلم أن هذا هو المعنى الحقيقي خرج عنه ما يغنم في القتال؛ لأن المشقة في الفوز به معلومة وكذلك يخرج المعادن التي تحتاج إلى مشقة ومزاولة ويدخل فيه ما يملكه الإنسان بالميراث والنذور والوصية والهبة بلا عوض ..... وإن كانت العلة هي الثالثة فيقال: أي دليل يدل على كون النفاسة في الشيء الذي وقع الظفر به بلا عوض مستلزمة لوجوب تخميسه، ويلزم دخول ما دخل في ملك الإنسان من الأعيان النفيسة بلا عوض، وخروج أكثر المعادن التي عددها المصنف» اهـ كلامه.
  أقول: لا شك أن العلماء درجاتهم بحسب مواهبهم، وأزكاهم موهبة في منحة الله فضل إدراك يهدي به الله إلى استنباط الحكم وإن دق مسلكه ولطف مأخذه، فيستخرج الكمين الطيب من النورين(١)، بأسلوب يشد القارئ إليه، عليه من التحقيق طلاوة، ومن العناية النافعة حلاوة، وقد حفّت جوانبه بالإنصاف، ودنت أزهار فوائده للقطاف، هؤلاء
(١) الكتاب والسنة. تمت شيخنا.