الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

دعوة وهابية لهدم القبة المحمدية

صفحة 450 - الجزء 1

دعوة وهابية لهدم القبة المحمدية

  قال الإمام: (خبر) وعن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله ÷: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» فأما رفعها من الأرض فذلك جائز لاسيما في قبور الأنبياء والأئمة والصلحاء المزورة لتُميَّزَ بذلك ولئلا تُمْحَى أعلامُها. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: وأما رفعها من الأرض فذلك جائز لاسيما قبور الأنبياء والأئمة والصلحاء ... إلخ، أقول: الأحاديث الصحيحة وردت بالنهي عن رفع القبور، وقد ثبت من حديث أبي الهياج عن علي قال: «أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ÷ [لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته] أخرجه مسلم وأهل السنن، وأخرج أحمد وأهل السنن أن النبي ÷ «نهى أن يُبنى على القبر» فما صدق عليه أنه قبر مرفوع أو مشرف لغة فهو من منكرات الشريعة التي يجب على المسلمين إنكارها وتسويتها من غير فرق بين نبي وغير نبي! وصالح وطالح، ومات ÷ ولم يَرْفع قبرَه أصحابُه، وكان من آخر قوله: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، ونهى أن يتخذوا قبره وثناً، فما أحق الصلحاء والعلماء أن يكون شعارهم هو الشعار الذي أرشدهم إليه رسول الله، وتخصيصهم بهذه البدعة المنهي عنها تخصيص لهم بما لا يناسب العلم والفضل فإنهم لو تكلموا لضجوا من اتخاذ الأبنية على قبورهم وزخرفتها لأنهم لا يرضون بأن يكون لهم شعار من مبتدعات الدين ومنهياته، فما أقبح ما ابتدعه جهلة المسلمين من زخرفة القبور وتشييدها، وما أسرع ما خالفوا وصية رسول الله ÷ عند موته فجعلوا قبره على هذه الصفة التي هو عليها الآن، وقد شد من عضد هذه البدعة ما وقع من بعض الفقهاء من تسويغها لأهل الفضل حتى دونوها في كتب الهداية، ومثل هذا تسويغ الكَتْب على القبور بعد ورود صريح النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة» اهـ كلامه.