الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب الكفارة على من لم يطق الصوم

صفحة 48 - الجزء 2

وجوب الكفارة على من لم يطق الصوم

  قال الإمام: خبر: وروى أبو هريرة عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ أفطر في رمضان لمرض فصح ولم يصمه حتى أدركه رمضان آخر فليصم ما أدركه، وليقض ما فاته، وليطعم عن كل يوم مسكينًا»، وهو مروي عن الحسن بن علي، وعن ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، ولم يحفظ عن أحد من الصحابة خلاف ذلك ... إلخ. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: في حكم من أفطر شهر رمضان أو بعضه ... إلخ، أقول: لم يثبت في الكفارة على من لم يطق الصوم شيء من المرفوع في شيء من كتب الحديث (وليس في الكتاب العزيز ما يدل على ذلك - الكفارة على من لم يطق الصوم -؛ لأن قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}⁣[البقرة: ١٨٤] إن كانت منسوخة كما ثبت عن سلمة الأكوع! عند أهل الأمهات كلهم! أنها كانت في أول الإسلام، فكان من أراد أن يفطر يفتدي، حتى نسختها الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}⁣[البقرة: ١٨٥]، ومثل ذلك روي عن معاذ. أخرجه أحمد، وأبو داود، ومثله عن ابن عمر أخرجه البخاري، فالمنسوخ ليس بحجة بلا خلاف، وإن كانت محكمة كما رواه أبو داود عن ابن عباس، فظاهرها جواز ترك الصوم لمن كان مطيقًا غير معذور، ووجوب الفدية عليه، وهو خلاف ما أجمع عليه المسلمون. وأما قول ابن عباس فيما رواه عنه البخاري بلفظ: (إنها ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا) فكلام غير مناسب لمعنى الآية؛ لأنها في المطيقين لا فيمن يستطيع أن يصوم، كما قال! - أي ابن عباس، فعلى كل حال ليس في الآية دليل على وجوب الإطعام على من ترك الصوم وهو لا يطيقه، وهو محل النزاع ... إلخ» اهـ كلامه.