استحباب إزالة التفث
استحباب إزالة التَّفَثِ
  قال الإمام: ويستحب للحاج إزالة التَّفَث(١) قبل الإحرام: وهو قص الأظفار، وأخذ الشارب، ونتف شعر إبطه، وحلق عانته؛ قد نص على ذلك كثير من أئمتنا $. اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «لم يرد في هذا شيء يصلح لإثبات مثل هذا الحكم الشرعي، وهو الاستحباب. وأما ما قيل من أنه يقاس على تطيبه ÷ فقياس فاسد!، ولا سيما وقد ورد عنه ÷ الإرشاد إلى ترك الشعر بعد رؤية هلال الحجة لمن أراد أن يضحي، والحاج أولى بهذه السنة من غيره! ........ والحاصل أن التساهل في إثبات الأحكام الشرعية بلا دليل، بل إثبات ما قام الدليل على خلافه ليس من دأب أهل الإنصاف!» اهـ كلامه باختصار.
  أقول: قدمتُ لك - عما قريب - ما جرى به قلم الشوكاني من نفي وإثبات، ونقض وإبرام، وتقرير لنقل الإجماع ودفعه، مما لا يجري به قلم عاقل يعز عليه دينه وسمعته. وفي هذا البحث يفتح الفقيه باب العزاء، ويظهر الأسى مِن صنيع عظيم للأئمة، وهو أنهم قالوا: (إن إزالة التفث مسنون قبل الإحرام) حتى قال: «والحاصل أن التساهل في إثبات الأحكام الشرعية .... ليس من دأب أهل الإنصاف». اهـ كلامه.
  أقول: ليت أن هناك مِرْآة تُرينا ما في قول الشوكاني، وما في قول الأئمة من قبح على فَرْض أن فيما قاله الإمام غير صحيح؛ ليرى المنصف أين القبيح؟! ومَنْ صاحبه؟ على أن ما أنكره من المسنونية غير منكَر؛ لأن التوجيه النبوي بالنظافة وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة أوامر مطلقة وصحيحة، ومن سنن المرسلين، وهذا معلوم لكل عالم، وحينما قاس الأئمة إزالة التفث على تطيبه للجمعة أبى قبول هذا، ولم يرده بحجة أصولية، ولا فقهية، بل اكتفى بقوله: «قياس فاسد»! لكن الفقيه حينما يقيس في نفس المقال - المحرم على غير المحرم في(٢) عدم إزالة التفث - يرضاه ويُحَسِّنه مع أنه لا قياس مع
(١) التفث: الوسخ.
(٢) أي في قول الشوكاني: «ترك الشعر بعد رؤية هلال الحجة لمن أراد أن يضحي، والحاج أولى بهذه السنة من غيره» اهـ