الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(أبو خالد الواسطي)

صفحة 498 - الجزء 1

(أبو خالد الواسطي)

  قال الإمام: فأمّا مَا يؤخذ من رؤوسهم ورقابهم فقال الله ... إلخ.

  ثم قال #: فكان ذلك أصلاً في وجوب الجزية، وأما المعتبر فالأصل فيه ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وأربعين درهماً وعلى الأوساط أربعة وعشرين درهماً وعلى الفقراء اثني عشر درهماً. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «وأما من ذهب إلى أنه يجب على الفقير نصف ما على المتوسط، وعلى المتوسط نصف ما على الغني وجعلوا الغني من يملك ألف دينار أو ما يساويها ويركب الخيل ويتختم الذهب والمتوسط دونه تمسكاً بما في مجموع زيد بن علي» عن علي أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وأربعين درهماً وعلى الأوساط أربعة وعشرين وعلى الفقراء اثني عشر فهذا مع كونه غير مرفوع إلى النبي ÷ لا تقوم به الحجة؛ لأن في إسناده أبا خالد الواسطي ولا يحتج بحديثه إذا كان مرفوعاً فكيف إذا كان موقوفاً، وكذلك لا تقوم الحجة بما أخرجه في «الموطأ» عن عمر «أنه كان يأخذ على أهل الذهب من أهل الذمة الجزية أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهماً» لأنه فعل صحابي لا يصلح للاحتجاج به» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن الطعن في أبي خالد الواسطي | غير مستنكر عقلاً ولا عادة؛ لأن كل ذي مقام مرموق ورفيق لمن غيّر مجرى التاريخ جار على السنن، ولا يسلم غالباً من الطعن إلا إنسان مغمور لا تاريخ له، ومن هنا قيل: كل ذي نعمة محسود، ولابد للحسناء من حاسد.

  ولابد من النظر في دوافع الطاعن وسلوك المطعون، وغير سديد أن نقبل طعناً بلا تأمل، لأنك حينذٍ تقبل كلاماً فيه إهدار حرمة مسلم بلا دليل، كيف وقد طعن في سيد الخلق وقالوا فيه: {هُوَ أُذُنٌ} واتهموه بالجور في القسمة وهم معدودون في الصحابة؛