الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(تحريم نكاح الكتابية)

صفحة 265 - الجزء 2

  بِرَدِّهِنَّ}⁣[البقرة: ٢٢٨]؟! كيف ينكر أنها تسمى زوجة، وقد قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ}؟!، وهل البعل إلا الزوج؟ ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}⁣[هود: ٧٢]؟!، ولماذا سماه ردًّا لا استئنافا؟ أليس لأن أثر العقد باق؟!، بلى، ولهذا سماه بعلا، وسمى رجوعها ردًّا فقال: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}، وليس أفعل التفضيل على وجهه؛ لأنه لا حق لأحد فيها سواه، وإذا مات المطلِّق رجعياً وهي في العدة هل سيورثها القاضي؟! إن قال: لا، خرج عن إجماع المسلمين؛ لأنها ترث وتورث إجماعًا، وإن قال: نعم، قلنا: بأي سبب يورثها وقد انقطع عندكم السبب بالطلاق؟! وصححتم نكاح أختها، ثم لماذا وجب إنفاقه عليها في مدة عدتها حائلا أو حاملا، ولماذا حل له رؤيتها وجاز له وطئها بنية الرجعة؟ إذا لم تكن زوجة لزمكم إقامة الحد عليهما، ولماذا حرمت خطبتها من غيره؟ وبطل العقد بها؟ وصار نكاحا باطلا! اللهم اشهد.

  قضية المطلقة رجعيًّا واضحة، حتى عند المخدرات في البيوت، ولقد سمعنا أن امرأة⁣(⁣١) طلقها زوجها، وكانت من أسرة فقيهة، ثم بلغها موت زوجها، ولَمَّا تغسلْ رأسها، فخرجت من مستحمها وأشهدت النساء أنها ما غسلت رأسها، ثم رفعت قضيتها إلى القاضي، فورثها، واشتهرت هذه الواقعة في صنعاء.

  والعالم المخفق في كل فن يمنع من تسمية المطلقة رجعيًّا زوجة، ويحل نكاح أختها وهي في العدة، ويحل الخامسةَ والرابعةُ⁣(⁣٢) في العدة، {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم}⁣[النور: ١٦]!

(تحريم نكاح الكتابية)

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: قال الله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}⁣[البقرة: ٢٢١] ... إلخ، أقول: قد ساق المصنف في تحريم نكاح الكتابيات هذه الفصول، وفيها من التعسفات ما لا يخفى على منصف، منها تفسيره لمعنى الشرك بأنه


(١) هي ابنة الحسن النحوي صاحب كتاب (التذكرة الفاخرة في فقه العترة الطاهرة).

(٢) الواو واو الحال أي: والحال أن الرابعة في العدة.