الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الغارم

صفحة 516 - الجزء 1

الغارم

  قال الإمام #: فالغارم هو الذي لزمته الديون من غير صرف ولا إنفاق في معصية. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: فالغارم هو الذي لزمته الديون ... إلخ، أقول: ظاهر إطلاق الآية يشمل من عليه دين سواء كان غنياً أو فقيراً، مؤمناً أو فاسقاً، في طاعة أو معصية، أما عدم الفرق بين الغني والفقير فليس فيه إشكال لدخولهما تحت الآية، ولاستثناء الغارم من حديث «لا تحل الصدقة لغني» وما سلكه صاحب «المنار» من التخصيص والتعميم فوهم، وأما عدم الفرق بين المؤمن والفاسق فلإطلاق الآية لاسيما إذا كان ما استدانه الفاسق في غير سرف ولا معصية فلا معنى لاشتراط الإيمان، وأما عدم الفرق بين الدين في طاعة أو معصية فلتناول الإطلاق له، وإذا ورد ما يقتضي التقييد بما لزم في طاعة فله حكمه، نعم إذا كانت الإعانة له تستلزم إغراءه على المعاصي ووقوعه فيما يحرم عليه فلا ريب أنه ممنوع لأدلة آخرة» اهـ كلامه.

  أقول: أولاً قوله: «لأدلة آخرة» اهـ. لحن قبيح؛ لأن آخرة نعت لمفرد نحو {الدَّارُ الآخِرَةُ} وامرأة آخرة أي متأخرة، أما الجمع فينعت بـ (فُعْلَى) نحو «أدلة أخرى».

  ثم قوله: «ظاهر إطلاق الآية يشمل مَن عليه دين سواء كان غنياً أو فقيراً» اهـ كلامه.

  أقول: خلاف مراد الشرع؛ لأن مَن عليه ألف وهو لا يجد شيئاً فهو غارم تجب إعانته، ويستحق من الزكاة، وهو من مصارفها، ومن عليه ألفان وعنده عشرة آلاف لا تحل إعانته ولا يسمى غارماً.

  ولو نحونا منحا الشوكاني لحلت الزكاة لتاجر عليه مائة ألف ريال وهو يملك ملايين ونجعله مصرفاً للزكاة، وهذا لا يقول به جاهل فضلاً عن عاقل؛ لأنه قول مضحك، فالحق مع المقبلي - صاحب «المنار» - في قوله: (إن المراد بالغارم العاجز عن القضاء) وهو هكذا في