الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(تحريم الزيادة على الأربع)

صفحة 270 - الجزء 2

  والقضية في نكاح الكتابية قضية حل لا وجوب، وإذا اقترن الحلال بمفاسد دينية أو دنيوية تعين إلغاؤه، ووجب اجتنابه، وكيف يؤثرها وفي المسلمات من يتوفر فيها من تفي بحاجته، وتملأ عينه جَهَارةً وجمالاً ووقاراً وديناً وأمانة وحسن تربية للأمانة التي بين أيديهم.

  وأختمه بقوله ÷: «عليك بذات الدين تربت يداك».

(تحريم الزيادة على الأربع)

  قال الشوكاني: «قوله: وعن ابن عباس في قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}⁣[النساء: ٣] أنه قصر الرجال (كذا) على أربع. أقول: الذي نقله إلينا أئمة اللغة والإعراب، وصار كالمجمع عليه عندهم أن العدل في الأعداد يفيد أن المعدود لما كان متكثرًا يحتاج استيفاؤه إلى أعداد كثيرة كانت صيغة العدل المفردة في قوة تلك الأعداد، فإن كان مجيء القوم مثلًا اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة وكانوا ألوفًا مؤلفة، فقلت: جاءني القوم مثنى أفادت هذه الصيغة أنهم جاؤوا اثنين اثنين حتى تكاملوا، فإن قلت: مثى وثلاث ورباع أفاد ذلك أن القوم جاؤوك تارة اثنين اثنين، وتارة ثلاثة ثلاثة، وتارة أربعة أربعة؛ فهذه الصيغ بينت مقدار عدد دفعات المجيء لا مقدار عدد جميع القوم؛ فإنه لا يستفاد منها أصلا، بل غاية ما يستفاد منها أن عددهم متكثر تكثرا تشق الإحاطة به، ومثل هذا إذا قلت: نكحت النساء مثنى، فإن معناه نكحتهن اثنتين اثنتين، وليس فيه دليل أن كل دفعة من هذه الدفعات لم تدخل في نكاحه إلا بعد خروج الأولى، كما أنه لا دليل في قولك: جاءني القوم مثنى أنه لم يصل الاثنان الآخران إليك إلا وقد فارقك الاثنان الأولان، إذا تقرر هذا، فقوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} يستفاد منه جواز نكاح النساء اثنتين اثنتين وثلاثاً ثلاثاً وأربعاً أربعاً، والمراد جواز تزوج كل دفعة من هذه الدفعات في وقت من الأوقات، وليس في هذا