الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب الزكاة في المستغلات

صفحة 492 - الجزء 1

وجوب الزكاة في المستغلات

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: وأما زكاة المستغلات ... إلخ، أقول: هذه المسألة من غرائب العلماء التي ينبغي أن تكون مغفورة باعتبار ما لهم من المناقب فإن إيجاب الزكاة فيما ليس من الأموال التي تجب فيها الزكاة بالاتفاق كالدور والعقار والدواب ونحوها بمجرد تأجيرها بأجرة من دون تجارة في أعيانها مما لم يسمع به في الصدر الأول الذين هم خير القرون فضلاً عن أن يسمع فيه بدليل من كتاب أو سنة، وقد كانوا يستأجرون ويؤجرون ويقبضون الأجرة من دورهم وضياعهم ودوابهم ولم يخطر ببال أحدهم أنه يُخرج في رأس الحول ربع عشر قيمة داره أو عقاره أو دوابه وانقرضوا وهم في راحة من هذا التكليف الشاق حتى كان آخر القرن الثالث من أهل المائة الثالثة وقال بذلك من قال بدون دليل إلا مجرد القياس على أموال التجارة، وقد عرفت الكلام في الأصل فكيف يقوم الظل والعود أعوج مع أن هذا القياس في نفسه مختل بوجوه منها: وجود الفارق بين الأصل والفرع فإن الانتفاع بالمنفعة ليس كالانتفاع بالعين» اهـ كلامه.

  أقول: هكذا فلتكن العناية والتركيز وبذل الجهد والوقت وصرفها في نصرة فكرة شيطانية مخالفة لإجماع أمة محمد ÷ وهو ممن يعلم «عليكم بالجماعة فإن من شذ شذ في النار»، ولقد علم الشوكاني بإجماع علماء أمة الإسلام لم يشذ عنهم أحد ولهذا قال: «هذه المسألة من غرائب العلماء التي ينبغي أن تكون مغفورة باعتبار ما لهم من المناقب» اهـ.

  والغريب يطلق على النفيس في الشيء والدخيل في الشيء، فإن قصد الأول فهو على حق، وقد مضوا على مقتضى ما صح عندهم وأثره عن السلف وعن رسول الله ÷، وهذه أولى بمقامهم؛ لأنهم لمراقبتهم الله، وإخلاص عملهم لله، وتحرّيهم ما يُرضيه لا يمكن أن يحرمهم الله توفيقه فيقفوا موقف المناهض لمراد الله ورسوله.