إشعار الهدي
إشعار الهدي
  قال الإمام: روى مالك في (الموطأ)، وهو لنا سماع عن عبدالله بن دينار، قال: رأيت عبدالله بن عمر يطعن في لبة بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفيها، فإن قيل: إن الذي ذكرتموه من الإشعار مثله لا يجوز؛ لأن النبي ÷ قد نهى عن المثلة. قلنا: لا تكون مُثلة بعد أن فعله رسول الله، كما بيَّناه أولا؛ ولأن خبر المثلة متقدم؛ لما روي عن جابر أن رسول الله لم يخطب خطبة إلا نهى فيها عن المثلة، فخبر الإشعار متأخر؛ فلا دليل على ما ذكره المخالف؛ ولأن المثلة عبارة عن الجناية على الحيوان بقتل أو قطع عضو ..... إلخ. اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «قوله: إن قيل: إن الذي ذكرتموه من الإشعار مثلة لا يجوز ... إلخ. أقول: أجاب المصنف عن هذا بأجوبة منها: أنه لا يكون مثلة بعد أن فعله رسول الله، فكأنه يخص اسم المثلة بما لا يجوز فعله، وليس كذلك، بل المثلة أعم؛ والأصل عدم جواز ما يصدق عليه اسم المثلة، وما خصصه الدليل كالإشعار للبدنة، ووسم الإبل لمعرفتها، وقطع السارق، ونحوه كان جائزًا مع صدق اسم المثلة عليه؛ فالحاصل أن دليل تحريم المثلة عام، والصور التي جاء الشرع بجوازها دليلها خاص ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: المسألة محل إجماع في شرعية الإشعار إلا ما يروى عن أبي حنيفة |، وهو مدفوع بالنص، وفعله ÷ وفعل المهاجرين والأنصار. وقد حكى الفقيه هذه الشعيرة وأقرها في (الجرار) غير مناقش ولا متأول؛ حيث قال في ج ٢ ص ٢٠٠ ما لفظه: وما قيل من أنه يلزم القائلين بوجوب سَوْق الهدي بفعله ÷ أن يوجبوا التقليد والإشعار، فهو ملتزَم .... وما ذكره المصنف من التقليد والتجليل والإشعار فهو ثابت بالأحاديث الصحيحة. اهـ كلامه من (جرّاره)!