الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الفرق بين الفقير وبين المسكين

صفحة 510 - الجزء 1

الفرق بين الفقير وبين المسكين

  قال الإمام: أما الفقراء فالفقير هو الذي لا يملك إلا المنزل وثياب الأبدان والخادم سواء بلغ ذلك فوق النصاب أولا، وقيل لأعرابي: أفقير أنت؟ قال: «لا بل مسكين» قال الشاعر:

  أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يُترك له سَبَدُ

  فسماه الشاعر فقيراً وله حلوبة. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: أما الفقراء فالفقير هو الذي لا يملك إلا المنزل ... إلخ، أقول: تفسير الفقير بمن لا يملك هذه الأمور ليس هو تفسيراً لغوياً بلا ريب، ولا يمكن تصحيح النقل بأنه معنى الفقير في الشرع أو في عرف أهل اللغة أو أهل الشرع الموجودين في زمنه ÷ المخاطبين بالقرآن، ومن زعم أنه حقيقة شرعية أو عرفية أو لغوية فعليه الدليل، وإذا تقرر هذا لم يبق إلا أنه مجرد اجتهاد ومحض رأي لا يحل حمل كلام الله عليه وتفسيره به، فوجب الجزم بأن الفقير من ليس بغني، والغني قد ثبت تعريفه كما أخرجه أهل السنن من حديث ابن مسعود مرفوعاً أنه قيل: يا رسول الله وما الغنى؟ قال: خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب، فمن لم يملك هذا المقدار فهو فقير، ولابد من كونه يملك معها ما لابد منه من ملبوس وفراش ومسكن حاصله ما تدعو الضرورة إليه؛ لأن من المعلوم أنه ÷ لم يرد بذلك المقدار قيمة ما يلبسه ويسكنه ويلحق بذلك ما لا يتم له القيام بالأمور الدينية أو الدنيوية كآلة الجهاد للمجاهد وكتب العلم للعالم وآلة الصناعة للصانع، فمن ملك مما هو خارج عن هذه الأمور ما يساوي خمسين درهماً كان كمن ملك الخمسين أو قيمتها من الذهب فيكون غنياً، ومن لم يملك ذلك المقدار فهو فقير تحل له الزكاة والمصير إلى ما قررناه متحتم» اهـ كلامه.

  أقول: رحم الله جار الله إذ قال في «أساس البلاغة» [مادة رث] ما لفظه: وتقول: «كلام