(هل الحج على الفور أو التراخي؟)
(هل الحج على الفور أو التراخي؟)
  قال الشوكاني: «قوله: فصل: اختلفوا في الأوامر المطلقة هل تجب على الفور أو التراخي؟ ... إلخ. أقول: هذا مبسوط في الأصول، مربوط بحجج من المعقول والمنقول، وأحسن الأقوال أن الأمر الذي هو لفظ (افعل) لا يدل إلا على مجرد طلب الفعل المأمور به من فاعله من دون تقييد بفور ولا تراخي [هكذا]، ولا مرة ولا تكرار، لكن المرة من ضروريات الإيجاد، فمن قال: إن الأمر للفور أو للتراخي أو يقتضي مرة واحدة أو أكثر فلم يصب. وأما نزول فريضة الحج فقد قيل: إنها قبل الهجرة، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة ثمان ... إلخ، ولو كان واجبًا على الفور لأمر بالحج عند نزول فرضه كلَّ من كان مستطيعا، وحج في ذلك العام، وعلى فرض أن له عذرًا - في التأخير - فتأخير البيان للناس عن وقت الحاجة لا يجوز!» اهـ كلامه.
  أقول: قد تناقض الفقيه في كلامه بالنسبة إلى ما يقتضيه الطلب؛ إذ قال في أول بحثه: «لا يدل على تراخي» اهـ [هكذا] - والصحيح: تراخٍ - «ولا مرة ولا تكرار، لكن المرة من ضروريات الإيجاد». اهـ. وأصاب يعني أنه يقتضيها(١).
  ثم قال: «فمن قال: إن الأمر للفور أو للتراخي أو يقتضي مرة واحدة فلم يصب» اهـ، فأخطأ الصواب، ثم نقل عن كتب الحديث أن النبي ÷ تراخى عن فريضة الحج ولم يجزم في أي سنة فرض؟ أول الأقوال: أنه قبل الهجرة، وآخرها: أنه لم يمكث بعد فرضها إلا سنتين فقط ... إلخ، ثم يقول: «إنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة حتى لو كان ÷ معذورًا عن البيان للناس» اهـ.
  وهو حكم من الفقيه على رسول الله مبني على جهالة، لم يستند إلى حقيقة يصح بناء
(١) أي المرة، تمت شيخنا.