لزوم الدم على من لم يصل العشاءين في مزدلفة
لزوم الدم على من لم يصل العشاءين في مزدلفة
  قال الشوكاني: «قوله: فإن صلاهما في غيرها مع الإمكان فعليه دم؛ لأنه ترك نسكا ... إلخ. أقول: هذا الجمع لصلاتي المغرب والعشاء يحتمل أن يكون لكونه نسكًا، ويحتمل أن يكون لكونه مسافرًا، وجمع المسافر ثابت بالدليل، بل الأظهر الاحتمال الثاني، فليست الصلاة نفسها مما أرشد إليه ÷ بقوله: «خذوا عني مناسككم»، وكذلك جمعها ليس مما أرشد إليه؛ لأنه كان هكذا يجمع قبل هذه الليلة، فدعوى كون الجمع من المناسك؛ لأنه فعله في ذلك المحل غير ظاهر، وإذا تقرر هذا في الجمع فيقال مثله في إيجاب فعل الصلاتين في المكان الذي فعلهما رسول الله فيه، فإن ذلك لو كان بمجرد الفعل صالحاً لإثباته لكانت جميع أمكنة صلواته بعد قوله: «خذوا عني مناسككم» إلى فراغه من الحج مناسك وهو باطل» اهـ كلامه.
  أقول: أولا: إليك ما في (البحر الزخار) ج ٢ ص ٢٣٥ ولفظه: ولا يصلي العشاءين إلا في مزدلفة حتمًا؛ لقوله ÷ لأسامة: «الصلاةَ أمامكَ». الإمام يحيى، وأبو حنيفة، ومحمد: ولو خشي فوتها؛ للخبر. الفقيه يوسف، وعن أبي حنيفة: إذا خشي فوتها ففي الطريق؛ لقوله ÷: «صلوا الصلاة لوقتها». وصححه أصحابنا المتأخرون للمذهب، قلنا: قال علي #: لا يصلي الإمام المغرب والعشاء إلا في مزدلفة. وهو توقيف يُخَصِّصُ خبرَهم، ثم خبرُنا أرجحُ في سنده وكثرة العامل به. اهـ المراد.
  وفي (المغني) في فقه الحنابلة ج ٥ ص ٢٩ - ٣٠ ما لفظه: مسألة (٦٣٩): ثم يصلي مع الإمام المغرب والعشاء الآخرة بإقامة لكل صلاة، فإن جمع بينهما بإقامة واحدة فلا بأس، وجملة ذلك أن السنة لمن دفع من عرفة ألا يصلي المغرب حتى يَصِلَ مزدلفةَ فيجمع بين المغرب والعشاء لا خلاف في هذا. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن