حرم المدينة
حرم المدينة
  قال الشوكاني: «قوله: واختلف أهلنا في حرم المدينة ... إلخ. أقول: الحق أنه كحرم مكة في الحرمة لصيده وشجره ولقطته، ويختص حرم المدينة بسلب من قتل فيه صيدا أو قطع منه شجرا، ولكن هاهنا بحث هو أن المصنف ومن وافقه أوجبوا على من قتل صيدًا في حرم مكة - وهو غير محرم - القيمة كما قدمه قريبا، ولكنه أثبت هاهنا أن حرمة حرم المدينة كحرمة حرم مكة، فإن كان الموجب للقيمة هو مجرد الحرمة كان صيد حرم المدينة يجب فيه القيمة، وكذلك إذا كان السبب وجود القيمة في حرم مكة هو ما ذكره أن المراد بقوله: {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} أي وأنتم في الحرم، وإن لم يكونوا محرمين، فمن قتل صيدًا في حرم المدينة فقد قتله وهو حرم أي في الحرم، وإذا التزم المصنف هذا لزمه أن يكون صيد حرم المدينة أشد من صيد حرم مكة؛ لأنهما قد استويا في إيجاب القيمة، واختص حرم المدينة بسلب قاتل الصيد؛ للحديث الذي ذكره، وإن كان إيجاب قيمة صيد حرم مكة على من قتله غير محرم بدليل آخر فما هو؟ ثم يلزم على هذا القيمةُ في صيد وادي وَجٍّ(١)؛ لما أخرجه أبو داود، وحسنه المنذري أن النبي ÷ قال: «صيد وج محرم»، وقد صرح جماعة من المصنفين للمذهب أنه يجب في صيد حرم المدينة وشجره القيمةُ كما يجب في صيد حرم مكة، فيلزمهم ما ذكرناه، وعندي أنه لا يجب على من قتل صيدًا أو قطع شجرًا من حرم المدينة لا جزاء ولا قيمة، بل يأثم فقط، ويكون لمن وجده يفعل ذلك أخذُ سلبه، ولا يجب على الحلال في صيد حرم مكة ولا شجره شيء إلا مجرد الإثم ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: أورد الشوكاني في غرة البحث موافقته، وأن حرم المدينة كحرم مكة في الحرمة لصيدها وشجرها، وأنها أيضًا تختص بزيادة سَلْب قاتل صيدها سَلَبه، وبعد موافقته أورد على الإمام إشكالًا ملخصه: أنه سيرد عليه أن يكون حرم المدينة أعظم حرمة من حرم
(١) وَجٌّ: مكان بناحية الطائف.