الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الظهار

صفحة 349 - الجزء 2

الظهار

  قال الشوكاني: «قوله: والعود إرادة المسيس ... إلخ. أقول: قد ذكر أئمة التفسير في معنى العود أقوالاً مروية عن جماعة من السلف، وأهل اللغة، والذي صدره الزمخشري في كشافه أن العود هو أن يظاهر المسلم من امرأته، قال: لأن الذي كانت عليه عادتهم أن يقولوا هذا القول المنكر، فقطعوه بالإسلام، ثم يعودون لمثله؛ فكفارة من عاد إلى آخر كلامه، ولكن هذا وإن كان هو الظاهر من معنى العود إلا أن الخطاب في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم}⁣[المجادلة: ٢] خطاب للمسلمين، ثم ترتيب العود عليه فيه إشعار؛ لأن العود ليس هو لفظ الظهار، وإلا لزم ألا تجب الكفارة على من ظاهر من امرأته أول مرة حتى يظاهر مرة أخرى، واللازم غير صحيح كما يدل على ذلك إيجابه ÷ للكفارة على المظاهر من دون أن يسأله: هل قد ظاهر قبل هذه المرة أم لا؟ وأما قول من قال: إن العود عدم إيقاع الطلاق بعد الظهار فلا وجه له من لغة ولا شرع؛ فالظاهر أن العود الرجوع عن مدلول لفظ الظهار، وهو تحريم الزوجة؛ وذلك بأن يريد رجوعها إليه، وعدم ما يقتضيه لفظ الظهار من الفرقة، سواء أراد وطئها أم لم يرده؛ فلا وجه لحصر معنى العود في إرادة الوطء» اهـ كلامه.⁣(⁣١)

  أقول: قد اخطأ الفقيه خطأين: أولهما: في عدم تحري الصحة في نقله عن (الكشاف). ثانيهما: في فهمه لمراد صاحب (الكشاف) لأنه في بعض مقاماته صعب المرتقى. وأذكر عن بعض مشائخنا - رحمهم الله - أن شخصًا كان شديد التعطش للكشاف، يطلب من والده بإلحاح السماح له بقراءته، فأذن له، ثم قال له: كيف (الكشاف)؟ قال: سهل، قال: كف عنه، اقرأ في اللغة والبيان! فقرأ فترة من الزمن، ثم قال له أبوه: اقرأ (الكشاف)، ثم سأله:


(١) استخدام الفقيه «أم» بعد «هل» غلط؛ وقد استعملها كثيرا، فـ (هل) تستعمل بعدها «أو»، و «أم» بعد همزة التسوية؛ قال ابن مالك:

وأم بها اعطف بعد همز التسويه ... أو همزة عن لفظ أي مغنيه

تمت شيخنا.