الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

نحر الهدي

صفحة 194 - الجزء 2

نحر الهدي

  قال الإمام: روى ابن عباس أن ذؤيبًا الخزاعي حَدَّثه أن النبي ÷ كان يبعث معه البُدْنَ، فيقول: «إذا عَطِبَ⁣(⁣١) منها شيء فخشيتَ عليه موتًا فانحرها، ثم اغمس نعلها⁣(⁣٢) في دمها، واضرب به صفحتها⁣(⁣٣)، ولا تطعم منها أنت ولا أحدٌ من أهل رُفْقَتِك». دل ذلك على حكمين: أحدهما: أن الهدي إذا بلغ الحرم فخشي عطبه فنحره قبل دخول مكة أجزأه، وهذا الحكم إنما يثبت عند أئمتنا $ إذا كان الهدي بالعمرة. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على حكمين ... إلخ. أقول: صرح بدلالة الحديث على حكمين، ثم ذكر أحدهما، وأهمل الآخر، مع أن الذي ذكره لم يدل عليه الحديث لا مطابقة ولا تضمنًا ولا التزامًا؛ لأنه قال: «إذا بلغ الهدي الحرم فخشي عطبه فنحره قبل دخول مكة أجزأه»، فمن أين في الحديث: (إذا بلغ الهدي الحرم)؟! ثم من أين فيه ذكر الإجزاء؟» اهـ كلامه.

  أقول: الحكم الذي ذكره الإمام، وهو أن الهدي إذا بلغ الحرم فخشي عطبه فنحره أجزأه قبل دخول مكة. هذا الحكم منصوص عليه في الحديث، وهو قوله: إن ذؤيبًا الخزاعي حدثه أن النبي ÷ كان يبعث معه البُدْن، فيقول: «إذا عطب منها شيء فخشيتَ عليه موتًا فانحرها». وفي رواية مقاربة لما سبق: عن ناجية الخزاعي، قال: قلت: يا رسول الله كيف أصنع بما عَطِبَ من البُدْن؟ قال: «انحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم خلِّ بين الناس وبينها فيأكلوها»⁣(⁣٤).


(١) عطب أي هلك.

(٢) أي النعل التي كانت معلقة عليها.

(٣) أي جانب عنقها.

(٤) الموطأ، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجة. ورواه أبو داود، والدارمي عن ناجية الأسلمي.