نحر الهدي
نحر الهدي
  قال الإمام: روى ابن عباس أن ذؤيبًا الخزاعي حَدَّثه أن النبي ÷ كان يبعث معه البُدْنَ، فيقول: «إذا عَطِبَ(١) منها شيء فخشيتَ عليه موتًا فانحرها، ثم اغمس نعلها(٢) في دمها، واضرب به صفحتها(٣)، ولا تطعم منها أنت ولا أحدٌ من أهل رُفْقَتِك». دل ذلك على حكمين: أحدهما: أن الهدي إذا بلغ الحرم فخشي عطبه فنحره قبل دخول مكة أجزأه، وهذا الحكم إنما يثبت عند أئمتنا $ إذا كان الهدي بالعمرة. اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على حكمين ... إلخ. أقول: صرح بدلالة الحديث على حكمين، ثم ذكر أحدهما، وأهمل الآخر، مع أن الذي ذكره لم يدل عليه الحديث لا مطابقة ولا تضمنًا ولا التزامًا؛ لأنه قال: «إذا بلغ الهدي الحرم فخشي عطبه فنحره قبل دخول مكة أجزأه»، فمن أين في الحديث: (إذا بلغ الهدي الحرم)؟! ثم من أين فيه ذكر الإجزاء؟» اهـ كلامه.
  أقول: الحكم الذي ذكره الإمام، وهو أن الهدي إذا بلغ الحرم فخشي عطبه فنحره أجزأه قبل دخول مكة. هذا الحكم منصوص عليه في الحديث، وهو قوله: إن ذؤيبًا الخزاعي حدثه أن النبي ÷ كان يبعث معه البُدْن، فيقول: «إذا عطب منها شيء فخشيتَ عليه موتًا فانحرها». وفي رواية مقاربة لما سبق: عن ناجية الخزاعي، قال: قلت: يا رسول الله كيف أصنع بما عَطِبَ من البُدْن؟ قال: «انحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم خلِّ بين الناس وبينها فيأكلوها»(٤).
(١) عطب أي هلك.
(٢) أي النعل التي كانت معلقة عليها.
(٣) أي جانب عنقها.
(٤) الموطأ، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجة. ورواه أبو داود، والدارمي عن ناجية الأسلمي.