وجوب التلبية واستحباب رفع الصوت بها
وجوب التلبية واستحباب رفع الصوت بها
  قال الإمام: ويدل على ذلك - أي على وجوب الإحرام والتلبية مقترنين - قول النبي ÷ لعائشة: «دعي العمرة، وامتشطي وأهلي بالحج»، وهذا يفيد وجوب الإهلال؛ لأنه أمر، والأمر يقتضي الوجوب .... اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «الإهلال هو رفع الصوت؛ فالمراد من قوله ÷: «وأهلي بالحج» أي: ارفعي صوتك بالحج فقولي: لبيك بحجة وعمرة؛ والظاهر من الأدلة أنه لا يجب إلا نية الإحرام بالحج، وليس وراء ذلك أمر آخر هو الإحرام، بل هو مجرد النية ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: ليس المراد بقوله ÷: «وأهلي بالحج» ارفعي صوتك بالحج، كما زعم الشوكاني وإنما مراده ÷ بذلك (وأحرمي بالحج متبعة الإحرام بالتلبية) فتكون التلبية واجبة، ثم إنه في هذا البحث الصغير قلَّد الجلالَ؛ لظنه أنه قد وقع على القول الفَصْل والبرهان المقنع، والكلامُ المحرَّر بقلم الفقيه حجة عليه لا له، فقد أقر - أولاً - بأن الإهلال هو رفع الصوت بالتلبية، وقد اقتضى هذا أن المرفوع غير المرفوع به، وأن هناك أمرين: إهلالا، وتلبية، بحكم تعدد الاسم، واختلاف المسمى.
  ثم إنه قال: «لا واجب إلا النية» اهـ، وها هو قد أورد معنى الحديث: (ارفعي صوتك) الذي دل على وجوب رفع الصوت بالتلبية. ثم لا يخفاك - أوزعك الله على الحق - أن هناك ثلاثة أشياء بإجماع الأمة - لا يُنظر إلى الفقيه ولا إلى الجلال -: نية، وإحرام، وتلبية. ولكل منها مفهوم، وحيث اختلفت اسمًا وليست من المترادف اختلفت مسمَّى؛ فالنية: هي القصد ومحلها القلب، وهي العزم المخصوص على الفعل المخصوص صلاة وصومًا وحجًّا ... إلخ. والإحرام: هو التجرد من المخيط، ولُبس ما أَذِنَ به الشرع. والتلبية: هي (لبيك اللهم لبيك). والإهلال: هو رفع الصوت بها. وهي(١) بحكم وصفها
(١) أي التلبية.