يكون الحج عن الميت من ثلث ماله
يكونُ الحجُّ عن الميت من ثلث ماله
  قال الشوكاني: «قوله: فصل: واختلف أئمتنا $ في الحج: هل يكون من رأس المال أم لا، بل من ثلث المال؟ ... إلخ. أقول: قد عرفت مما تقدم أن نفوذ ما يوصى به الميت من أجرة الحج إنما هو لأجل الإذن له(١) بالتصرف في ثلث ماله، وليس في الحج بخصوصه ما يدل على أنه من ر أس المال أو من ثلثه، وحديث: «فدين الله أحق أن يقضى» ليس المرادُ به دَفْعَ الأجرة لمن يحج، بل المراد أن الحج عن الوالد يصح من الولد كما يصح منه قضاء الدين، ولا يرد على هذا أن اللفظ عام والاعتبار به؛ لأنا نقول: العموم ليس هو إلا باعتبار فعل فريضة الحج، ولا اعتبار بدفع المال لمن يحج، فهذا لم يرد به دليل، فعرفت بهذا أن ما يوصي به الميت من أجرة مَن يحجُّ عنه يكون خارجًا من ثلثه المأذون له به» اهـ كلامه.
  أقول: بحث الفقيه مِدَاد(٢) لبحثه قبله؛ لأن ذاك في متعلق الحج عن الغير، وهذا في متعلق الوَصَاة(٣) به، وأجرة الحاج، ومن أين تُخْرَج أجرة الحاج؟ وقد وقف بين يدي حديث: «فدين الله أحق أن يقضى»، وساق كلامًا يُفْهَمُ منه رغبتُه في إبطال معنى الحديث، وإذابة قوته، والحد من نفوذه، فيقول: «إن معناه جواز الحج». اهـ.
  ونحن ندفع في نحر هذه العبارة المخرجة للحديث عما أريد به، وإنما هو الوجوب لا الجواز، كما يُقْضَى الدَّيْنُ. ثم يقول: «وليس فيه دفع الأجرة». اهـ.
  نعم: ليس مصرَّحًا بها، ولكن يقول الأصوليون: (الدلالة لفظية وعقلية). وإلا فمن
(١) له أي للميت، والأولى للمحتضر. اهـ من شيخنا.
(٢) مِدَاد ومَدَد وامتداد بمعنى.
(٣) الوصاة والوصية بمعنى، قال عنترة:
ولقد حفظتُ وَصَاةَ عمي في الضحى ... إذ تَقْلُصُ الشفتان عن وَضَح الفَم