الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الإمساك على من أفطر لغير عذر

صفحة 64 - الجزء 2

الإمساك على من أفطر لغير عذر

  قال الإمام: يستحب الإمساك لمن أفطر لغير عذر؛ لأنه بالإمساك يخرج عن التهمة. اهـ.

  قال الشوكاني: «قوله: لأنه بالإمساك يخرج عن التهمة ... إلخ. أقول: ليس الخروج عن التهمة مقصورًا على الإمساك، بل ذلك ممكن بالتستر بالأكل والشرب حتى لا يراه أحد أو يراه من يعرف عذره، ولا دليل على وجوب إمساك بعض يوم ولا على ندبه إلا لمن كان جاهلا لكون يومه الذي أفطر فيه مما يجب صومه عليه، ثم تبين له وقد أفطر، فإن حديث أمره ÷ لمن كان قد أفطر من أهل العوالي في يوم عاشوراء أن يمسك يدل على ذلك» اهـ كلامه.

  أقول: تأمل كلام الشوكاني حيث قال: «ليس الخروج عن التهمة مقصورًا على الإمساك، بل ذلك ممكن بالتستر بالأكل والشرب» اهـ، تجده نوعًا من تعليلات الجهلة، وأي الأمرين أدنى إلى الشرع: إكمال الصوم حرمة للصوم؟! أو أن نقول له: تستر وكُلْ في الخفاء؟! وقوله: «أو يراه من يعرف عذره» اهـ، جملة لا محل لها؛ لأن من عرف عذره لا تأتي منه التهمة، ثم يخلص إلى ما ألفه من العناد فيقول: «لا دليل على وجوب إمساك بعض اليوم» اهـ، ومن الذي تكلم بالوجوب أو بالحرمة؟! إلا هذا الزائغ المولوع بالخراب وهدم الحق، الإمام يقول: يستحب، وهو يقول: «لا دليل على الوجوب» اهـ، ويمثل بصوم يوم عاشوراء، وهو انتقال معيب، وصنيع مُضْحِك يدل على الرغبة عن الإنصاف والتمسك بالجدال بالباطل.

  وإليك ما في (المغني)، لابن قدامة الحنبلي ج ٤ ص ٢١٢ ولفظه: فصل: وكل من أفطر والصوم لازم له كالمفطر بغير عذر، والمفطر الذي توهم أن الفجر طلع ولما يطلع أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب، أو الناسي لنية الصوم ونحوهم يلزمهم الإمساك، لا نعلم