وجوب القضاء على المجنون جنونا طارئا ثم زال
وجوب القضاء على المجنون جنونًا طارئًا ثم زال
  قال الإمام #: والآية التي ذكرناها عقيب تحرير عقد الباب {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤] تدل على أن مَنْ جُنَّ في شهر رمضان كله وكان جنونه طارئًا يَعرِضُ ويَزُولُ - بعد كونه بالغا عاقلا مخاطبًا بالصوم ثم أفاق بعده وجب عليه القضاء؛ لأن هذا ضربٌ من المرض، فإذا زال مرضه وجب عليه القضاء ... إلخ. اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «قوله: يدل على أن من جُنَّ في شهر رمضان كله وكان جنونًا طارئًا ... إلخ. أقول: زوال العقل رافع لقلم التكليف؛ فالقول بوجوب القضاء عليه فرع وجوب الأداء، وليس بواجب، فلا يجب فرعه، ودعوى اندراج الجنون تحت عموم المرض متوقف على صحة ذلك، وهي ممنوعة، وعلى كل حال لا بد من تصحيح وجوب الأداء على زائل العقل ودونه مفاوز ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: اعلم أن الشوكاني يتخبط تخبط الغريق في الماء، ويتعمد مخالفة أرباب التحقيق من العلماء؛ فأقول: اعلم أذاقك الله حلاوة المعرفة أن تحرير المسألة هذه وتمام تبيانها فيما يلي - بعون الله سبحانه: الصوم واجب على كل محتلم، يستقر وجوبه في ذمته؛ لقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وبقي الواجب في الذمة إلى حين أجل التسليم، وبراءة الذمة، فإذا جاء وقت التسليم - وحل علينا شهر رمضان وأدركناه - غير معذورين بعذر مرض ولا سفر ولا غيرهما وجب الأداء؛ إخلاء للذمة مما تحمَّلت بالنص الإلهي، وهو الإمساك عما حرم الله على الصائم من الفجر إلى الليل، فمن عرض له الجنون في شهر رمضان، وكان تامَّ الأهلية، وكان ممن شهد الشهر وجب عليه القضاء؛ لأن الجنون لم يلحق به إلا بعد ثبوت الواجب في ذمته، ولم يَرْفَعْ عنه إلا وجوب الأداء؛ والحديث الذي احتج به الفقيه نحن نقول بموجبه: (وعن المجنون حتى يفيق ...) فنقول: مِنْ أي حينٍ رفع القلمُ: أمن قبل الجنون؟ أم من بعد حلوله ونزوله؟ إن قال: (من قبله) خالف النص