الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الشوكاني يرد على الشوكاني

صفحة 200 - الجزء 2

  يرحم الله أبا عبدالرحمن، كنت أُطَيِّبُ رسولَ الله ÷ فيطوف على نسائه ويصبح محرمًا. فأنت ترى أين موقع تطييبه من زمان إحرامه؟! وهو الذي يدل عليه لفظ القبلية، وهي رافعة لاحتمال ما قاله الشوكاني: «حين إحرامه» اهـ، مبينة زمان وقوعه، فالحق في هذا ما رواه الإمام #، وهو إجماع، وأن المحرم لا يتطيب ولا يَمَسُّ طيبًا، والله أعلم.

الشوكاني يرد على الشوكاني

  وفي (الجرار) ج ٢ ص ١٣٥ ما لفظه: قوله: والتماس الطيب. أقول: اعلم أن تحريم الطيب على من قد صار محرمًا مجمع عليه .... إلخ. اهـ كلامه من جراره!

  وحين قال الإمام: (إن عمر ما قال قوله إلا لنص صح عنده عن النبي) اهـ. قال الشوكاني عنه: «لا وجه له، ولا يلزم منه أن قول كل صحابي حجة» اهـ، وكيف يلزم، وقد قال الإمام: إنما قاله لنص صح عنده.

  فالانتقاد على الإمام ناشيء عن غفلة عن مراد الإمام مع وضوحه وصراحته، وإما حبًّا للنقد ولو غير مقبول.

  وأما قول الشوكاني: «إن المنع من الزينة لا وجه له». اهـ. فقد أوردها الشوكاني هاهنا مجملة، ولم يبين غرض الإمام، ولو تَنَبَّه وجاء بما نص عليه ما ساغ له النقد؛ فالإمام فسر الزينة بالقُفَّاز؛ فقد قال في صدر كلامه: أما القفازان⁣(⁣١) فهما حلية يغطَّى بهما كفَّا المرأة، منهية عن ذلك؛ لكونه زينة، وهي ممنوعة من الزينة. اهـ

  ثم حكى الإمام أنها تبتعد عن الزعفران والورس⁣(⁣٢)؛ لأنهما طيب وزينة. اهـ وهذه كلها وردت في النهي عنها أحاديث صحيحة، ولو بينها الشوكاني لما ساغ انتقاده الإمام، لكنه أجمل؛ ليجعل من إجماله ذريعة إلى النقد من هذه الأحاديث الصحيحة.


(١) القفازان ما يلبس في اليدين فيغطي الأصابع والكفين.

(٢) الورس: نبات أصفر طيب الرائحة يصبغ به.