الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

صفة خطبتي العيدين

صفحة 398 - الجزء 1

صفة خطبتي العيدين

  قال الإمام: وأما صفة الخطبتين فهما كخطبتي الجمعة إلا في أشياء: منها: أنه يكبر دبر صلاة العيد ثلاث تكبيرات وذلك ليعلم الناس أنه قد فرغ من صلاته، ثم يقوم قائماً فيكبر تسع تكبيرات، لا يفصل بينها بشيء، ومنها: أنه يكبر بعد فراغه من الخطبة الأولى سبعاً كذلك، ومنها: أنه لا يجلس إذا صعد المنبر، ومنها: أنه إذا جلس ثم قام للثانية لم يكبر في أولها ويكبر في آخرها سبعاً ... إلخ. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: وأما صفة الخطبتين فهما كخطبتي الجمعة إلا في أشياء ... إلخ، أقول: لم يأت في جميع ما استثناه المصنف هاهنا شيء يبلغ إلى رتبة الاعتبار، إنما هي أمور استحسنها الخطباء وجرت عليها عوائدهم فظنها مَنْ بعدهم شرعاً ثابتاً، وكم لهذه من أخوات في أبواب الديانات، وغاية ما يمكن التشبث به ما رواه البيهقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: «من السنة أن تفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى والثانية بسبع تكبيرات تترى»، وقول الصحابي: «من السنة» لا تقوم به الحجة، وبقية الأمور المذكورة ليس عليها أثارة من علم كما عرفت!» اهـ كلامه.

  أقول: قد سبق له في «خطبة الجمعة» أن الحمد والصلاة على رسول الله وآله، وقراءة القرآن - أن جميع ذلك - خارج عن معظم المقصود من شرعية الخطبة، واتفاق مثل ذلك في خطبة النبي ÷ لا يدل على أنه مقصود متحتم، وشرط لازم، ولا يشك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة على النبي وآله. اهـ معنى، فهو بهذا يأبى سنة صحيحة متفقاً عليها، وهي أن الحمد والصلاة على النبي وآله وقراءة القرآن في الخطبة مقصود أعظم، وهل هناك موعظة أبلغُ من القرآن؟! وهل حَنَت الرقاب وخشعت القلوب وجرت الدموع لشيء مثل القرآن؟!