الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

كراهة استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

صفحة 45 - الجزء 1

كراهة استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

  أورد الإمام الحسين بن بدر الدين # حديث النهي عن استقبال القبلة وقال عند قوله: «فرأيته قبل أن يُقْبَضَ بعام يستقبلها»⁣(⁣١): دل ذلك على وقوع النسخ. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على وقوع النسخ، أقول: الذي تقرر في الأصول أن فعله ÷ لما نهانا عنه نهياً خاصاً بنا، لا يشمله بنص ولا ظاهر، لا يكون نسخاً بل الشرع في حقنا ما خاطبنا به والشرع في حقه ما فعله». ا هـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن شأن النبي ÷ وأمته في التحليل والتحريم والوجوب وسائر الأحكام على سَوَاء، لا ينهانا عن شيء ويفعله، كما قال سبحانه عن شعيب #: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}⁣(⁣٢).

  ومن أين ظهر للشوكاني دعوى الخصوصية ولم تظهر لابن عمر ومن سلك مسلكه من فقهاء الصحابة والتابعين؟!

  ولهذا تقرر في الأصول: أن فعله لما نهى عنه يقتضي الإباحة، لأن الأصل تساويه مع أمته في كل ما جاء عنه ولا خصوصية، فحكمه حكمنا حتى يبين اختصاصه.

  ولا يجوز عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة، ومع عدم الدليل على الخصوصية يكون حكمه حكمنا.

  وفي (إحكام الأحكام) للآمدي ج ١: (وإن كان النبي ÷ قد اختُصَّ عنهم - عن أمته -


(١) حديث جابر بن عبد الله قال: «نهى رسول الله ÷ أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يُقْبض بعام يستقبلها» ورواية عبد الله بن عمر: «يتحدث الناسُ عن رسول الله بحديث، وقد اطلعت يوماً على رسول الله ÷ على ظهر بيت يقضي حاجته محجوراً عليه بلبن، فرأيته مستقبل القبلة».

قال في (الانتصار): ذهب علماء العترة وفقهاء الأمة - أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، ومالك - ومن تقدمهم من علماء الصحابة والتابعين إلى المنع من استقبال القبلة بغائط أو بول اهـ المراد.

(٢) سورة هود الآية (٨٨).