الحرام من كنايات الطلاق
الحرام من كنايات الطلاق
  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على أن الحرام كناية في الطلاق ... إلخ. أقول: في هذه المسألة مذاهب قد ذكر ابن القيم منها ثلاثة عشر مذهبًا، وقال: إنها تزيد على عشرين مذهبًا؛ والذي أرجحه منها هو أن التحريم ليس من صرائح الطلاق ولا من كناياته. بل هو يمين من الأيمان كما سماه الله ø في كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ١ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ١ - ٢]؛ فهذه الآية مصرحة بأن التحريم يمين؛ والسبب وإن كان خاصًا وهو العسل الذي حرمه رسول الله ÷ على نفسه أو الأمة التي كان يطأها فلا اعتبار بخصوص السبب، فإن لفظ {مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} عام، وعلى فرض عدم العموم فلا فرق بين الأعيان التي هي حلال. وأخرج الترمذي عن عائشة قالت: آلى رسول الله ÷ من نسائه فجعل الحرام حلالًا وجعل في اليمين كفارة، أي جعل الشيء الذي حرمه حلالًا بعد تحريمه. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها، ثم قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، وفي الباب عن جماعة من الصحابة في تفسير الآية بمثل ما ذكرناه» اهـ كلامه.
  أقول: قد أنهاها صاحب (البحر) | إلى خمسة عشر مذهبا، ولم يحك أنها يمين إلا في قول واحد، ورُدَّ بأن اليمين له صيغة معينة، وقد احتج الفقيه على كون التحريم يمينًا؛ بأن الله سبحانه وتعالى سماها في كتابه يميناً؛ فقال: «كما سماها الله في كتابه» اهـ. ثم استدل بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ١ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فهذه الآية مصرحة بأن التحريم يمين. اهـ
  قل: فلم بلغ بها ابن القيم إلى ثلاثة عشر وجهاً، وصاحب (البحر) إلى خمسة عشر