الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

اعتداد المتوفى عنها بآخر الأجلين

صفحة 340 - الجزء 2

اعتداد المتوفى عنها بآخر الأجلين

  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملًا فوضعت لدون أربعة أشهر وعشر لزمها أن تكمل العدة أربعة أشهر وعشرا ... إلخ. أقول: اعلم أنه لو لم يرد في عدة الوفاة للحامل إلا ما في الكتاب العزيز لكان بين قوله تعالى: {وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٤]، وبين قوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة: ٢٣٤] عموم وخصوص من وجه؛ لأن الآية الأولى تدل على أن عدة الحامل تنقضي بوضع الحمل سواء كانت عدة وفاة أو غيرها؛ والآية الثانية تدل على أن عدة المتوفى عنها تكون أربعة أشهر وعشرًا، سواء كانت حاملا أو غير حامل» اهـ كلامه.

  أقول: قد ادعى الفقيه أن بين الآيتين عمومًا وخصوصًا من وجه، وهو ما يسمى بالعموم الوجهي، ثم قال - كدليل لدعم دعواه -: «لأن الآية الأولى تدل على أن عدة الحامل تنقضي بوضع الحمل، سواء كانت عدة وفاة أو غيرها» اهـ. يعني أنها عامة في كل عدة «والآية الثانية - يعني آية التربص - تدل على أن عدة المتوفى عنها تكون أربعة أشهر وعشرا، سواء كانت حاملاً أو غير حامل» اهـ. يعني أنها عامة في كل عدة، هذا دليل العموم الواقع، فأين دليل الخصوص المدَّعَى أيها الفقيه؟ ثم أقول: اعلم أرشدك الله أنه لا يكون بين دليلين عموم وخصوص إلا حينما يكون أحدهما أخصَّ من الآخر: أي أقل تناولًا لما تناوله الدليل الآخر، كآية المائدة {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}⁣[المائدة: ٥]؛ فهي أقل تناولًا لما اشتملت عليه آية البقرة، وهي قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}⁣[البقرة: ٢٢١] لأن آية البقرة تتناول كل مشركة كتابية أو غير كتابية وآية المائدة مخصوصة بالكتابية، وهاتان الآيتان قد زعم الفقيه أن بينهما عمومًا وخصوصًا، ثم رجع القلم وهو كليل، بل أقام الدليل الناقض لدعواه، وقد احتج الفقيه بكلام ابن مسعود ¥، وبين الكلامين شوط بطين؛ لأن الفقيه يدعي عمومًا وخصوصًا