الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

حكم المضاررة بالإيلاء

صفحة 361 - الجزء 2

حكم المضاررة بالإيلاء

  قال الإمام: (خبر) وعن أمير المؤمنين #: في رجل أقسمَ لا يجامع امرأته حتى تفطم ولدها خشية أن يفسد لبنها، فلبث معها سنتين فقضى # أن ذلك ليس بإيلاء، ولا بأس عليه في ذلك.

  (خبر) وعن علي # قال: (إنما الإيلاء في الغضب) دل ذلك على أن من حلف لوجه غير الضرار إما لأجل ولد أو غيره لم يكن مُولِياً) اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على أن من حلف لوجه غير الضرار إما لأجل ولد أو غيره لم يكن مولياً: أقول: الإيلاء المذكور في الكتاب العزيز لم يقيَّد بضرار ولا غضب، وما روي عن علي - إن صح - فمحمول على الاجتهاد، والمقام مقام اجتهاد لا توقيف، ومن قال بالحجية جعله صالحاً للتقييد» اهـ كلامه.

  أقول: الفرائض ما فُرِضَتْ إلا لجلب مصلحة أو دفع مفسدة، ولابد لها من عِلّةٍ تُنَاط بها غير التعبديات.

  أقول: ملابسات القضية لا بد أن تؤخذ في الاعتبار؛ فهي أحيانًا كالقيد للحادثة، ولهذا قال بعض أهل التحقيق: لو رأى رجل زوجه متهيئة للخروج بغير إذن، وعليها واجب في المنزل، فقال: (إن خرجتِ فأنتِ طالق)، فحطت رداءها، وزاولت عملها، وبعد إكمال واجبها خرجت، أنها لا تطلق؛ لأن الحال التي حفت به القضية قيدٌ له⁣(⁣١)، وحين أرضت زوجها وخلعت جلبابها وزاولت عملها، ثم خرجت انتهى مفعول الطلاق؛ ولهذا نظائر كثيرة. والفقيه في تعليقه وتعليله استل القضية كشعرة من عجين، لم ينظر إلى دوافع يمين الزوج، وملابساته، وأنه في صالح زوجه، وربما عَنْ طلبها وإرضاء لها لأجل مرض أو حمل أو رضيع وغيرها؛ فتعليق الشوكاني كاني.


(١) أي للطلاق.