الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

إيجاب الإحرام على من أراد مجاوزة الميقات

صفحة 111 - الجزء 2

إيجاب الإحرام على من أراد مجاوزة الميقات

  قال الإمام: خبر: وعن ابن عباس: (لا يحل دخول مكة من غير إحرام)، ولا مدخل للاجتهاد في هذه المسألة، فإذا أطلق الصحابي بأنه لا يحل وجب أن يكون مسندًا إلى النبي ÷. دل ذلك على أنه لا يجوز دخول مكة من أحد هذه المواقيت مكيًّا كان أو غيره - إذا كان قد خرج من مكة وجاوز هذه المواقيت، ثم أتاها وكان من أهل سائر البلدان - إلا مُحْرِمًا بحجة أو عمرة أو نحوهما، ولا يجوز له أن يدخل مكة إلا محرمًا. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «ليس في إيجاب الإحرام على غير من دخل لأحد النسكين دليل، أما الآية {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} فإنها بيان لما حرمه عليهم من الصيد حال الإحرام، وقد علم أنه لا إحرام إلا لأحد النسكين، ثم أخبرهم بإباحة الصيد لهم إذا حلوا، وأما قول ابن عباس فاجتهاد منه، وليس ذلك من الحجة في شيء، والمقام مقام اجتهاد لا كما قال المصنف، ولهذا خالفه ابن عمر فجاوز الميقات غير محرم كما روى ذلك عنه مالك في الموطأ ..» اهـ كلامه.

  أقول: إليك أوَّلًا ما في (البحر) لترى أن المسألة إجماعية إلا شذوذًا، ولترى كيف استدلالهم بالآية الكريمة. ففي (البحر) ج ٢ ص ٢٩٠ بعد أن حكى أن للمتكرر مثل الحطابين والحشاشين وغيرهم المجاوزة بغير إحرام - حكى غير المتكرر، فقال ما لفظه: ولغير متكرر داخله يحرم⁣(⁣١) عند الهادي، والقاسم، والناصر، والمؤيد بالله، وأبي طالب، وأبي حنيفة وأصحابه، وقول للشافعي؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ولم يتقدم ذكر إحرام، فدل على أن المجاوزة إنما هي بإحرام، عبدالله بن عمر، وأبو العباس، وقول للشافعي: لا يلزم كالمتكرر.

  لنا: قوله ÷: «لا يحل لأحد بعدي ...» الخبر، وقول ابن عباس: لا يحل دخول مكة إلا بإحرام، وهو توقيف. اهـ المراد. فتبين جهة استدلالهم.


(١) أي يحرم مجاوزة الميقات بغير إحرام.