(التكليف شرط في وجوب الزكاة)
(التكليف شرط في وجوب الزكاة)
  ثم قال الشوكاني: «ومما ينبغي أن يُجعل شرطاً في وجوب الزكاة التكليف، وهذا وإن كانت الأذهان تنبو عنه لكنه إذا أمعن الناظر النظر في كون الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة وأن الأربعة الباقية لا تجب شرعاً على غير مكلف لم يستبعد اشتراط التكليف، فإن قيل: إن الخطابات عامة في الزكاة مثل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣] فيقال: وكذلك الخطابات عامة في بقية الأركان الأربعة فإنها خطابات للناس، والصبيُّ من جملة الناس «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويحجوا البيت ويصوموا رمضان» {أَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[الحج: ٧٨] {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة: ١٨٥] ونحو ذلك مما يطول تعداده، فما جعلوه مخصصاً لغير المكلفين في سائر الأركان الأربعة لزمهم أن يجعلوه مخصصاً في الركن الخامس - وهو الزكاة - مع أنها مشروعة للتطهرة والتزكية، كما نطق به القرآن وهما لا يكونان لغير المكلفين» اهـ كلامه.
  أقول: قوله: «ومما ينبغي أن يجعل شرطاً في الوجوب التكليفُ» اهـ. مستدرَكٌ من وجهين: أولهما: قوله: «ومما ينبغي» اهـ. فإن كان الواضع للأحكام الوضعية هو الواضع للشرعية فالعبارة قلة أدب في حق الله تعالى؛ لأن التكليف هو حكم لا شرط والحكم من الله، وإن كان قصده: «كان ينبغي للعلماء أن يجعلوا فيما ورد» اهـ.
  فقد ذهب الحنفية إلى أن البلوغ شرط في التكليف.
  والوجه الثاني: قوله: «يجعل في وجوب الزكاة التكليف» اهـ. فالتكليف قد جعل شرطاً للزكاة وهي أنه لا يزكي إلا مكلف بالزكاة، إلا أن غرض الشوكاني أن يجعل البلوغ شرطاً في التكليف؛ لأن التكليف بها عند الجمهور في كل مال لصغير أو كبير ولو غير