الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

نجاسة الكلب

صفحة 136 - الجزء 1

نجاسة الكلب

  قال الشوكاني: «قوله: وثانيها الكلب ... الخ. أقول: استدل المصنف على كون الكلب نجساً جميعه بحكمه ÷ بغسل الآنية التي تلغ فيها الكلاب، وهذا لا يتم إلا بعد تسليم أن العلة هي النجاسة وتسليم صحة إلحاق جميع الأجزاء بالريق، ولا يخلو كل واحد منهما من نزاع يعرفه من يعرف علم المناظرة» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن العلة واضحة وبيّنة من دون أهل المناظرة؛ لأمرين:

  أولهما: أن حديث أبي هريرة قال: «طهور إناء» والأصل في هذه الكلمة إنما تكون طهوراً من نجس أو حَدَث، ولا حدث هنا فتعين النجس، وإلا كان قوله: «طهور» لغواً، وهو ÷ منزَّه عن اللغو؛ لأنه لا ينطق عن الهوى.

  ثانيهما: المعلوم أن ريق الكلب هو شيء يتحلّب من بدنه كما أشار إليه ابن دقيق العيد⁣(⁣١).

  وإذ قد حكم الشارع بنجاسته⁣(⁣٢)؛ لخروجه من بدنه دل على نجاسة الريق والمحل الذي يحلب وينزل منه، فلا داعي لأهل المناظرة والمسألة قريبة المنال.

  ثم اعلم أن الظاهر أن اللحوم ثلاثة:

  ١ - نجس ولا يؤكل، كالخنزير والكلب ونحوهما.

  ٢ - طاهر ولا يؤكل كالإنسان.

  ٣ - طاهر ويؤكل وهو ما يحل أكله مما أحله الله سبحانه وتعالى.

  فليس هناك: نجس ويحل أكله، ولا: طاهر ولا يحل أكله غير الآدمي.


(١) حيث قال: «إذا كان لعابه نجساً وهو عَرَقُ فمه، ففمه نجس، والعَرَق جزء متحلب من البدن فجميع عَرَقه نجس فجميع بدنه نجس». اهـ. من (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام) ج ١، ص ٢٧.

(٢) أي ريق الكلب.