الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(سقوط القضاء عن المغمى عليه)

صفحة 365 - الجزء 1

(سقوط القضاء عن المغمى عليه)

  قال الإمام #: (خبر) وهو ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # قال: أتي رسول الله ÷ فقيل: إن عبد الله بن رواحة ثقيل، فأتاه وهو مغمى عليه، فقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله أغمي علي ثلاثة أيام كيف أصنع بالصلاة؟ قال: «صل صلاة يومك الذي أفقت فيه فإنه يجزيك» وهذا الخبر يمنع من اعتبار خمس صلوات، فدل على أن المراد بذكر اليوم الصلاة التي أدركت وقتها في يوم إغمائك بدلالة الإجماع، ولأنه سقط عنه فرض الصلاة بعلّة مزيلة للعقل فوجب ألا يلزمه القضاء كما إذا أغمي عليه أكثر من يوم وليلة. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: وهذا الخبر يمنع من اعتبار خمس صلوات ... إلخ. أقول: ظاهر قوله: «صل صلاة يومك» أنه يصلي جميع صلوات ذلك اليوم من غير فرق بين ما كان وقته باقياً، وما كان قد خرج وقته، ولا موجب للتأويل، ولكن لا يخفى أن النوم والنسيان والإغماء متحدة في ارتفاع التكليف على من اتصف بها حال ورودها عليه لا قبل الورود ولا بعده، وقد ثبت بالدليل الصحيح أنه يجب على النائم والساهي أن يفعلا ما تركاه حال النوم والسهو، فإلحاق المغمى عليه بهما إلحاق صحيح؛ لعدم الفارق، ولا يقال: إن هذا القياس فاسد الاعتبار؛ لمعارضته للنص، وهو ما وقع في قصة عبد الله بن رواحة؛ لأنا نقول: هذا إنما يتم بعد تصحيح النص، ولا ريب أن السند الذي ذكره المصنف من الأسانيد المسلسلة بالأئمة الذين لا يُلحقون في علم ودين إنما الشأن فيمن دونهم كأبي خالد ومن يروي عنه كمحمد بن بكر والحسين بن علوان» اهـ كلامه.

  أقول: قد أفرط الشوكاني في إيجاب جميع صلوات اليوم الذي أفاق فيه، مع أن المغمى عليه في أكثر الفروض مغمى عليه من أول الوقت إلى آخره، وقد سبق له عما قليل أن العلم شرط التكليف!