القران
القِرَان
  قال الشوكاني: «قوله: لا قران إلا بسوق بدنة ... إلخ. أقول: السَّوْق غير مقصود في نفس الأمر، بل المقصود هو إهداء البدنة، فكون السَّوق شرطًا فيه نظر، والظاهر في الأفعال الوجوب؛ لحديث: «خذوا عني مناسككم»، لكن السَّوق ليس إلا وسيلة لما بعده، وهو الإهداء كما في المبيت بمنى ليالي الرمي، فإن قلت: قد يستدل لوجوب السوق على القارن بما روي عنه ÷ أنه أمر مَنْ لم يسق الهَدي أن يجعلها عمرة؟ قلتُ: المراد أمر من لم يكن معه الهدي بذلك؛ لأن من كان معه هدي فقد تلبس بالقران وكمل له شرطه، وهو وجود هدي معه» اهـ كلامه.
  أقول: لا يخفاك أن السَّوْق للهَدْي غرض شرعي صحيح مقصود لذاته لا وسيلة - كما زعم الفقيه - كيف وهو مشار إليه في كتاب الله سبحانه، كقوله تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}[الفتح: ٢٥]، وكقوله تعالى: {لاَ تُحِلُّوا شَعَآئِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}[المائدة: ٢] وسأكتفي بشرح آية واحدة من كتاب الله ø؛ للتنبيه على أن السَّوْق غرض أساسي وشرعي. قال العلامة في (كشافه) في سورة المائدة، عند شرحه لقوله: {لاَ تُحِلُّوا شَعَآئِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} ما لفظه: الهَدْيُ ما أُهدي إلى البيت الحرام، وتُقُرِّب به إلى الله من النسائك، وهو جمع هَدِيَّةٍ كما يقال: (جَدْيٌ) في جَمع جَدِيَّة السَّرْج، والقلائد جمع قلادة وهي ما قُلِّد به الهدي من نعل أو عروة أو مزادة أو لحا شجرة أو غيره.
  وآمُّو المسجد الحرام: قاصدوه وهم الحُجَّاج والعُمَّار، وإحلالُ هذه الأشياء أن يُتهاوَنَ بحرمة الشعائر، وأن يُحال بينها وبين المتنسكين بها، وأن يُحْدِثوا في أشهر الحج ما يصدون به الناسَ عن الحج، وأن يتعرضوا للهَدْي بالغَصْب أو بالمنع من بلوغ محله ... إلى آخر ما هنالك. وأما من