في سبيل الله
في سبيل الله
  قال الشوكاني: «قوله وأما ما يصرف في سبيل الله فإن السبيل هو إعانة المجاهد ... إلخ، أقول: سبيل الله طريق الله والمراد هنا الطريق إليه ø، والجهاد وإن كان أعظم الطرق إلى الله ø لكن لا دليل على اختصاص هذا السهم به بل يصح صرف ذلك في كل ما كان طريقاً إلى الله ø، هذا معنى الآية لغة والواجب الوقوف على المعاني اللغوية حيث لم يصح النقل عنها شرعاً» ثم قال: «ومن جملة سبيل الله الصرف في العلماء الذين يقومون بمصالح المسلمين الدينية فإن لهم في مال الله نصيباً سواء كانوا أغنياء! أو فقراء، بل الصرف في هذه الجهة من أهم الأمور!؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء وحملة الدين وبهم تحفظ بيضة الإسلام وشريعة سيد الأنام، وقد كان علماء الصحابة يأخذون من العطاء ما يقوم بما يحتاجون إليه مع زيادات كثيرة! والأمر في ذلك مشهور ومنهم من كان يأخذ زيادة على مائة ألف درهم! ومن جملة هذه الأموال التي كانت تفرق بين المسلمين على هذه الصفة الزكاة» اهـ كلامه.
  أقول: لا شك أن سبيل الله أعم من جهاد في سبيله وأنها تتناول حتى الفقير والمسكين والغارم وابن السبيل وفي الرقاب، كل هذا يندرج في سبيل الله كأجناس تحت نوع، ولكن حيث ذكر سبيل الله مع هذه الأجناس، ثم نجعله شاملاً لكل ما هو في سبيل الله سنقلل من مقامه وأهميته، وهو أعظم شيء وأقومه، ولو أنا أبقيناه على عمومه مع أنه قد ذكر معه ما ذكر، سيصير حظُّه من العموم قليلاً مع أنه أهم مصارف الزكاة وأَوْلاها، ويصير الذي هو الأهم لا دليل على الإنفاق فيه إلا العموم، وهي دلالة ظنية، وغيرُ الأهم - وهي ما ذُكِرَت معه - ذُكرت خاصة وعامة، وهذا خلاف مراد الشرع.
  ولا شك أن الجهاد في سبيل الله عند الحاجة إليه هو عمود الإسلام، وروحه وعماده، ولهذا أوجب الله الخروج فيه بالمال والنفس، والكتاب الكريم مليء بهذا النفَس الرحماني،