الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من أم قوما وهم له كارهون

صفحة 331 - الجزء 1

من أمّ قوماً وهم له كارهون

  قال الأمير الحسين #: وأما من تكره إمامته (خبر) وروي عن ابن عباس عن النبي ÷ أنه قال: «ثلاثة لا يرفع الله صلاتهم فوق رؤوسهم إلى قوله: ومنهم رجل أمّ قوماً وهم له كارهون» اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: وأما من تكره إمامته، ثم ذكر حديث: «من أم قوماً وهم له كارهون» أقول: ظاهر الأحاديث الواردة في الترهيب عن ذلك أنه لا فرق بين كون الكارهين من أهل الفضل أو من غيرهم فيكون مجرد حصول الكراهة عذراً لمن كان يصلح للإمامة في تركها، وغالب الكراهات الكائنة بين هذا النوع الإنساني خصوصاً في هذه الأزمنة راجعة إلى أغراض دنيوية، والراجع منها إلى أغراض ديني أقل قليل، ومع كونه كذلك فغالبه صادر عن اعتقادات فاسدة وخيالات مختلة كما يقع بين المتخالفين في المذاهب فإن العصبية الناشئة بينهم تعمي بصائرهم عن الصواب ... إلخ، فالأولى لمن عرف أن جماعة من الناس يكرهونه - لا لسبب أو لسبب ديني - ألا يؤمهم! وأجره في الترك يفضل أجره في الفعل» اهـ كلامه.

  أقول: إذا تأملت ما نظمه الإمام # في سمطه بلا التواء ولا تعريض، ولا ذم موجّه، ولا مدح مغلّف، ولا رَمْي للمؤمنين بباطل، وجدته على بساطه عبارته، وقرب تناول الغرض، وسلامة صدر كاتبه، أعذب مورداً، - وإن كان لا عذوبة فيما رقمه الشوكاني - وأليق بأولي العلم.

  ثم إن الشوكاني في آخر بحثه المتهاوي بعد شوط بطين رجع إلى كلام الإمام، فالإمام قال: «يكره له التقدم» والشوكاني في آخر بحثه يقول: «فالأولى لمن عرف أن جماعة من الناس يكرهونه - لا لسبب أو لسبب ديني - ألا يؤمهم، وأجره في ترك التقدم يفضل أجره