الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

عدم احتياج الطلاق الصريح إلى نية

صفحة 330 - الجزء 2

عدم احتياج الطلاق الصريح إلى نية

  قال الشوكاني: «قوله: إن صريح الطلاق لا يفتقر إلى النية ... إلخ. أقول: قد فسروا معنى هذا أن اللفظ الصريح لا يحتاج إلى زيادة على قصده، ولا يعتبر قصد معناه دون الكناية؛ فلا بد من قصد معناها، وهذا هو مرادهم بالنية، ولا يخفى عليك أن مجرد التكلم بالكلمة من غير إرادة مدلولها بل مجرد التصويت بالحروف كما يقع من بعض من يشتغل فكره بشيء فيهذي بلفظ لا يريد به معناه، أي لا يخطر بباله حال النطق به لا يجوز إثبات الأحكام الشرعية به ولا نفيها، ولا سيما في مثل هذا الأمر العظيم والخطب الجسيم، وهو الفرقة بين الزوجين والحكم بتحريمها عليه وتحليلها لغيره، ولا أدري أي رواية أو دراية أرشدت القائل بهذه المقالة إلى الجزم بها؟ فإنه قد وقع الاتفاق بين أهل الأصول على أن الفهم شرط التكليف أي فهم التركيب، والمراد فهم معناه؛ إذ لا اعتبار بفهم الحروف نفسها، فإن هذا لا يقول به عاقل فضلًا عن عالم. نعم: إذا صدر لفظ صريح الطلاق من عاقل واختلف بعد ذلك هو وامرأته فقالت: (طلقني بهذا اللفظ الذي تكلم به)، وقال: (لم أطلق بل تكلمت بهذا اللفظ غير قاصد لمدلوله) كان القول قولها؛ لأن صدور ذلك من العاقل في غاية الندرة. وأما مع عدم المنازعة فيعمل المتكلم بذلك اللفظ بما يدين الله به إن كان قاصدًا للمدلول صارت مطلقة، وإن لم يقصد فهي امرأته باقية تحت نكاحه وهذيانه لا حكم له، فإن قصد المدلول من لفظ الطلاق وهو الفرقة حال التكلم به، ولكنه لم يرد بذلك فرقة امرأته مع كونه مخاطبًا لها أو مخبرًا للغير عن طلاقها، فهذا هو الهازل؛ وهزل الطلاق جد كما ورد بذلك الدليل» اهـ كلامه.

  أقول: أحاطك الله بتوفيقه، إنك إذا ما أعطيت النظر حقه في تعليق الفقيه، وأرجعت فيه النظر كرتين حملك هذا على الأسى عليه؛ حيث ضل على علم، ودعا إلى ضلالة، وغشَّ وزين غشه، إضافة إلى كون التعليق يأتي بما لا يليق من حيث الموضوع، فهو لا يليق من حيث تناقضه وهويه في سحيق الجهالة؛ والذي أورد الفقيهَ في هذا المورد الوخم: أولاً: