بحث في السواك للصائم
بحث في السواك للصائم
  قال الشوكاني: «قوله: وقال أحمد بن عيسى: يكره السواك للصائم بالعشي؛ لقطعه: «لخلوف فم الصائم» ... إلخ. أقول: العشي هو من الظهر إلى غروب الشمس، ولا ريب أن الأحاديث الواردة في مشروعية السواك تدل على مشروعيته في هذا الوقت المتنازع فيه، وقد ورد ما يدل على استحباب السواك للصائم على الخصوص؛ فمن زعم أنه يكره لا يقبل إلا بدليل يخصِّص الأحاديث الدالة على المشروعية، وأما جعل وجه الكراهة أنه يذهب الخلوف، وهذا (كذا) وجه غير وجيه؛ لأن مجرد طيب ذلك عند الله ليس فيه إلا أنه لا يكون عند الله مستكرها، كما يكون عن الناسي، وهذا ليس بموجب للإثابة، كما أن من لا يحصل معه الخلوف عند صيامه لا يكون ناقص الأجر بالنسبة إلى من له خلوف، وأيضًا ليس السواك من مذهبات الخلوف، بل من جوالبه» اهـ كلامه.
  أقول: قد اضطرب كلام الشوكاني هنا كعادته، أول تعليقه دافع عن مشروعية السواك وإن كان ذاهبًا بالخُلُوف، حتى قال ما معناه: «لأن مجرد طيبه ذلك يعني الخُلُوف عند الله ø ليس فيه إلا أنه لا يكون عند الله مستكرهًا كما يكون عند الناس» اهـ.
  وهذا قصور فهم الحديث النبوي المصرِّح بأنه عند الله أطيب من ريح المسك، وكم بين غير مستكره - كما قال الفقيه - وبين أشد طيبًا من ريح المسك؟!، وهل هذا إلا تحريف للكلم النبوي المصُون عن اللغو والعبث، ثم حينما فتح له الإمام بابًا صغيرًا، وأنه قد قيل: (إنه غير مُذهب للخلوف) دخل من هذه الخصاصة، فقال: «وأيضًا ليس السواك مذهبا للخلوف» اهـ. ويبالغ الفقيه في هذه الدعوى فيقول: «بل من جوالبه» اهـ! يعني من جوالب الخلوف. وفي هذه العبارة عناد للسنة المطهرة، وهو يزعم أنه يدافع عنها، وهو عناد لها؛ من حيث إنه قد تقرر في أحاديث عدة أن السواك مطهرة للفم، مَطْيَبَةٌ له، مُزِيل لقَذَرِهِ، وهو يقول: «بل من جوالب الخلوف» اهـ! والخلوف هو الرائحة المنتنة!.