الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

لا زكاة لمن تجب نفقتهم

صفحة 532 - الجزء 1

لا زكاة لمن تجب نفقتهم

  قال الإمام: والإجماع منعقد بين أهل الإسلام على أن دفع الزكاة إلى الآباء وإن عَلَوا، وإلى الأمهات وإن عَلَوْنَ وإلى أولاد أولادهم وإن سفلوا، لا يجوز، ولا يجوز صرفها عند آبائنا $ إلى الأقارب الذين تجب نفقتهم على المخرِج للزكاة إليهم. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: والإجماع منعقد بين أهل الإسلام على أن دفع الزكاة إلى الآباء وإن علوا ... إلخ، أقول: هذا الإجماع هو من الإجماعات التي قدمنا لك الكلام فيها في أول هذا الكتاب والخلاف في المسألة لأبي العباس ومحمد بن الحسن مشهور، فلا تقوم به الحجة على كل حال، والأدلة طافحة مصرّحة بأن الصرف في ذوي الأرحام أفضل من غير فرق بين الصدقة الواجبة والمندوبة كما يدل على ذلك ترك الاستفصال في مقام الاحتمال فإنه ينزل منزلة العموم، على أنه قد ورد التصريح في حديث أبي سعيد، عند البخاري، أن النبي ÷ قال لامرأة: «زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم»، وثبت عند البخاري وأحمد عن معن بن يزيد قال: أخرج أبي دنانير يتصدق بها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فقال: «والله ما إياك أردت» فخاصمته إلى رسول الله فقال: «لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن»، وهذه الأدلة إنما هي تبرع من القائل بالجواز والإجزاء وإلا فهو قائم مقام المنع من كون القرابة أو وجوب النفقة مانعين، ولم يأت القائل بذلك بدليل يتفق في محل النزاع على فرض أنه لم يكن بيد القائل بالجواز إلا التمسك بالأصل فكيف والأدلة عموماً وخصوصاً ناطقة بما ذهب إليه» اهـ كلامه.

  أقول: الحمد لله الذي جعل الإقناع في الاحتجاج بالكتاب والسنة والإجماع، لا بكثرة الكلام وترصيفه، ولا بليّ النظم وتحريفه، وقلما تجد مُفْلساً من الحُجّة، متنكباً عن المحجة، إلا وسلاحه البيان، المجرد عن البرهان، وكثيراً ما يَهْوِي الشوكاني في هذه المضايق، ويقع