تحريم إتيان المرأة في دبرها
تحريم إتيان المرأة في دبرها
  قال الشوكاني: «قوله: دلت هذه النصوص أنه لا يجوز للرجل أن يأتي امرأته في دبرها ... إلخ. أقول: هذه النصوص التي ذكرها المصنف فيها مقالات لأئمة الحديث، ولكن لها طرق عدة عن جماعة من الصحابة غير من ذكره المصنف، وهي منتهضة بمجموعها على فرض أن معنى قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} أين شئتم، فإن كل ما في هذه الأحاديث من المقالات لا تبلغ بواحد منها إلى حد السقوط عن درجة الاعتبار» اهـ كلامه.
  أقول: منطوق الآية ووضوحها كفيل بقطع الخلاف؛ لأن معنى {أَنَّى} في كتاب الله ø بمعنى: من أين؟ كقوله تعالى حاكيًا عن عبده زكريا # مخاطبًا مريم &: {أَنَّى لَكِ هَذَا}[آل عمران: ٣] يعني: من أين؟ ولهذا كان جوابها: {هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ}، والمعنى الثاني: بمعنى: كيف، كقوله تعالى: {فَأَنَّى تُؤْفَكُون}، وقول مروان بن أبي حفصة - أخزاه الله -:
  أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
  أي كيف؟.
  وسواء جعلتها في قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة: ٢٢٣] بمعنى كيف أم بمعنى أين، فقد عين المَأْتَى به؛ بقوله: {حَرْثَكُمْ}؛ إذ لا حرث إلا في موضع القُبُل؛ فالمعنى: إيتوا حرثكم كيف شئتم، أو من أين شئتم إذا كان المَأْتَى هو الحرث.
  ثم إن الإجماع قائم على تحريم الدبر، وخلاف من خالف حدث بعد انعقاده، كالإمام مالك، والمالكية يتحاشون من نسبة هذا القول إليه؛ لقبحه وبشاعته، ومخالفته للإجماع على أن الدبر لا يسمى حرثًا بالإجماع، ولا يتناوله عقد النكاح؛ لأن العقد لا يتناول إلا ما أجمع على حله المسلمون قديمًا وحديثاً، ولو فشى في الناس إتيان الدبر لانقطع النسل، ولبطل قوله ÷: «إني مكاثر بكم الأمم»، وهي اللوطية الصغرى، وقد ورد اللعن عليها، وهي قبيحة عقلاً، وشرعاً، وعرفاً. والله أعلم.